(وَقَامَ) الْمَسْبُوقُ (لِلْقَضَاءِ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ) الْمَسْبُوقُ (فِي ثَانِيَتِهِ) هُوَ، بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ حِينَئِذٍ فِي مَحَلِّهِ فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ (وَإِلَّا) يَجْلِسُ فِي ثَانِيَتِهِ؛ بِأَنْ جَلَسَ فِي أُولَاهُ كَمُدْرِكٍ الرَّابِعَةَ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ الثَّالِثَةَ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ، أَوْ الثَّانِيَةَ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ، أَوْ جَلَسَ فِي ثَالِثَةٍ كَمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (فَلَا) يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّ جُلُوسَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَفَعَ مَعَهُ بِتَكْبِيرٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَامِهِ.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (إلَّا مُدْرِكٌ) مَا (دُونَ رَكْعَةٍ) كَمُدْرِكٍ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ؛ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ.
(وَ) إذَا قَامَ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ (قَضَى الْقَوْلَ) : وَالْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْقِرَاءَةِ وَصِفَتُهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ، بِأَنْ يَجْعَلَ مَا فَاتَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ آخِرَهَا، (وَبَنَى
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِتَكْبِيرٍ] : أَيْ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ لَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ حَالَ قِيَامِهِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا مَا دُونَ رَكْعَةٍ] إلَخْ: مَا ذَكَرَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَمُقَابِلُهُ مَا خَرَّجَهُ سَنَدٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: إذَا جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ أَيْضًا، وَمَا نَقَلَهُ زَرُّوقٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا. قَالَ: وَكَانَ شَيْخُنَا الْقُورِيُّ يُفْتِي بِهِ الْعَامَّةَ لِئَلَّا يُخْطِئُوا. فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ] : يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا.
قَوْلُهُ: [قَضَى الْقَوْلَ] إلَخْ: مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ مَذْهَبُنَا. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ يَقْضِي الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ، وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهِمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ خَبَرُ: «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَرَوَى: «فَاقْضُوا» فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِرَاوِيَةِ: «فَأَتِمُّوا» وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ بِرَاوِيَةِ: «فَاقْضُوا» وَعَمِلَ مَالِكٌ بِكِلَيْهِمَا لِقَاعِدَةِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ: إذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ جُمِعَ، فَحَمَلَ رِوَايَةَ «فَأَتِمُّوا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute