وَذَكَرَ صِفَةَ الْجَمْعِ بِقَوْلِهِ:
(يُؤَذَّنُ لِلْمَغْرِبِ) عَلَى الْمَنَارِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ (كَالْعَادَةِ وَتُؤَخَّرُ) الصَّلَاةُ تَأْخِيرًا (قَلِيلًا) بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ وَقْتُ الِاشْتِرَاكِ لِاخْتِصَاصِ الْأُولَى بِقَدْرِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ (ثُمَّ صُلِّيَا) أَيْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ (بِلَا فَصْلٍ) بَيْنَهُمَا بِنَفْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (إلَّا) فَصْلًا (بِأَذَانٍ لِلْعِشَاءِ مُنْخَفِضٍ) لَا يُرْفَعُ صَوْتٌ (فِي الْمَسْجِدِ) لَا عَلَى الْمَنَارِ (ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ) لِمَنَازِلِهِمْ (مِنْ غَيْرِ تَنَفُّلٍ) فِي الْمَسْجِدِ: أَيْ يُكْرَهُ بِحَمْلِ الْمَنْعِ فِي النَّفْلِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَمَاعَةٍ (وَوَجَبَ نِيَّتُهُ) عِنْدَ الْأُولَى كَنِيَّةِ الْإِمَامَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) جَازَ الْجَمْعُ (لِمُنْفَرِدٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (بِالْمَغْرِبِ) : أَيْ عَنْ جَمَاعَةِ الْجَمْعِ وَلَوْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ (يَجِدُهُمْ) فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ أَوْ غَيْرَهُ (بِالْعِشَاءِ) فَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهَا، وَيُغْتَفَرُ لَهُ نِيَّةُ الْجَمْعِ عِنْدَ صَلَاتِهِ الْمَغْرِبَ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُمْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتُؤَخَّرُ قَلِيلًا] : وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ أَصْلًا. قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِهَا قَلِيلًا إذْ فِي ذَلِكَ خُرُوجُ الصَّلَاتَيْنِ مَعًا عَنْ وَقْتِهِمَا الْمُخْتَارِ. اُنْظُرْ: بْن (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . وَلَكِنْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي تَقْرِيرِهِ: لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَأْخِيرِهَا بِقَدْرِهَا إيقَاعُهَا فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ.
قَوْلُهُ: [بِأَذَانٍ لِلْعِشَاءِ] : اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ لِلْعِشَاءِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مُسْتَحَبٌّ وَلِذَا جَرَى قَوْلَانِ فِي إعَادَتِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الشَّفَقِ. وَالْمُعْتَمَدُ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ السُّنَّةِ.
قَوْلُهُ: [فِي الْمَسْجِدِ] : أَيْ عِنْدَ مِحْرَابِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ بِصِحَّتِهِ لَا فَوْقَ الْمَنَارِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِئَلَّا يَلْبِسَ عَلَى النَّاسِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ غَيْرِ تَنَفُّلٍ] : أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَبَعْدَهُمَا وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ، فَهَلْ يُطْلَبُ بِإِعَادَةِ الْعِشَاءِ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ.
وَقِيلَ: إنْ قَعَدَ الْكُلُّ أَوْ الْجُلُّ أَعَادُوا، وَإِلَّا فَلَا. وَاسْتَظْهَرَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا. كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ الْجَمْعُ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ] : أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تُجْزِي عِنْدَ الثَّانِيَةِ، وَلِكَوْنِهِ تَابِعًا لَهُمْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَلَا يُنَافِي مَنْعَ الْجَمْعِ لَوْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute