(وَخَوْفٌ عَلَى مَالٍ) لَهُ بَالٌ (وَلَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ حَبْسٌ أَوْ ضَرْبٌ) أَيْ خَوْفُهُمَا وَأَوْلَى مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمَا كَقَتْلٍ وَقَطْعٍ وَجُرْحٍ.
(وَعُرْيٌ) بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ (وَرَائِحَةٌ) كَرِيهَةٌ تُؤْذِي الْجَمَاعَةَ (كَرَائِحَةِ ثُومٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَقَدْ تُبَدَّلُ فَاءً كَمَا فِي الْآيَةِ: [وَفُومِهَا] ، وَدِبَاغٍ وَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ، وَيَجِبُ تَرْكُ أَكْلِ ذَلِكَ يَوْمَهَا وَكَذَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ (فَيَجِبُ) عَلَى مَنْ تَلَبَّسَ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ (إزَالَتُهَا) بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (إنْ أَمْكَنَ) .
(وَ) مِنْ الْأَعْذَارِ (عَدَمُ وُجُودِ قَائِدٍ لِأَعْمَى) إنْ كَانَ (لَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ) ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَخَافَ عَلَى مَالٍ] : أَيْ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ نَارٍ.
وَقَوْلُهُ: [لَهُ بَالٌ] : أَيْ وَهُوَ الَّذِي يَجْحَفُ بِصَاحِبِهِ. وَمِثْلُ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ: الْخَوْفُ عَلَى الْعِرْضِ أَوْ الدِّينِ كَأَنْ يَخَافَ قَذْفَ أَحَدٍ مِنْ السُّفَهَاءِ لَهُ أَوْ إلْزَامَ قَتْلِ شَخْصٍ أَوْ ضَرْبِهِ ظُلْمًا أَوْ إلْزَامَ بَيْعَةِ ظَالِمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ لَا يَجِدَ] إلَخْ: كَذَا نَقَلَ (ح) عَنْ بَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ، ابْنُ عَاشِرٍ: وَلَا يُقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْمُرُوءَاتِ (اهـ. بْن) ، فَعَلَى هَذَا: إذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخَلُّفُ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ. وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى حَاصِلُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُرْيِ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَلِيقُ بِأَمْثَالِهِ وَلَا يُزْرِي بِهِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ. كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لَهَا بِالنَّجَسِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا. كَمَا قَالُوا: لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا.
قَوْلُهُ: [وَيَجِبُ تَرْكُ أَكْلِ ذَلِكَ يَوْمَهَا] : أَيْ حَيْثُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ لَهُ عَلَى مُزِيلٍ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ فِي أَكْلِهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ. وَسَمِعْت عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَنَحْوَهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا لَا يَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِتُهْمَةٍ بَاطِلَةٍ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ بَرَاءَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ] : أَيْ حَيْثُ اهْتَدَى بِنَفْسِهِ أَوْ وَجَدَ قَائِدًا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكَانَتْ لَا تُجْحِفُ بِهِ.
خَاتِمَةٌ: مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ شِدَّةُ الرِّيحِ بِاللَّيْلِ لَا بِالنَّهَارِ. وَلَيْسَ الْعُرْسُ مِنْ الْأَعْذَارِ وَلَا شُهُودُ الْعِيدِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ، إذْ لَيْسَ حَقًّا لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute