وَفَخَّارٍ بِغَوَّاصٍ) : يَعْنِي أَنَّ الْمَائِعَاتِ - كَالزَّيْتِ وَاللَّبَنِ وَالسَّمْنِ وَنَحْوِهَا - إذَا حَلَّتْ فِيهَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّهَا تُنَجَّسُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا تَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِحَالٍ. كَمَا لَا يَقْبَلُهُ لَحْمٌ طُبِخَ بِالنَّجَاسَةِ، وَزَيْتُونٌ مُلِحَ - بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُخَفَّفًا - بِالنَّجَاسَةِ، وَلَا بَيْضٌ صُلِقَ بِهَا. وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ فَخَّارٌ تَنَجَّسَ بِشَيْءٍ غَوَّاصٍ: أَيْ كَثِيرُ الْغَوْصِ، أَيْ النُّفُوذِ فِي أَجْزَاءِ الْفَخَّارِ، بِأَنْ كَانَ النَّجِسُ مَائِعًا كَالْبَوْلِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ وَالدَّمِ، إذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
خِلَافًا لِابْنِ اللَّبَّادِ، فَإِنَّهُ قَالَ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَخَضْخَضَتِهِ وَثَقْبِ الْإِنَاءِ مِنْ أَسْفَلِهِ، وَصَبِّ الْمَاءِ مِنْهُ وَيُكَرَّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ.
قَوْلُهُ: [وَبَيْضٍ صُلِقَ] : وَمِنْهُ إذَا وُجِدَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مَذِرَةٌ فَرَشَحَتْ فِي الْمَاءِ وَشَرِبَ مِنْهُ غَيْرُهَا حَيْثُ لَمْ يَبْقَ الْمَاءُ مُطْلَقًا. وَشَمِلَ بَيْضَ النَّعَامِ، وَغِلَظُ قِشْرِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَسَامُّ يَسْرِي مِنْهَا الْمَاءُ.
وَقَوْلُهُ: [وَفَخَّارٍ بِغَوَّاصٍ] : قَالَ ب ن: أُطْلِقَ فِي الْفَخَّارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَخَّارَ الْبَالِيَ إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةُ غَوَّاصَةٍ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَخَّارٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ قَبْلَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، أَوْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلًا. وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ حَيْثُ قَالَ وَفَخَّارٍ بِغَوَّاصٍ وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ، لِأَنَّ الْفَخَّارَ يَقْبَلُ الْغَوْصَ دَائِمًا كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ نَقْلًا عَنْ اللَّقَانِيِّ. وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. ثُمَّ إنَّ عَدَمَ قَبُولِ الْإِنَاءِ لِلتَّطْهِيرِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ مَثَلًا. وَأَمَّا الطَّعَامُ يُوضَعُ فِيهِ بَعْدَ غَسْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَجْزَاءٌ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ نَقْلًا عَنْ ب ن. وَمِثْلُ الْفَخَّارِ أَوَانِي الْخَشَبِ الَّتِي يُمْكِنُ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ إلَى دَاخِلِهَا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [يَعْنِي أَنَّ الْمَائِعَاتِ] إلَخْ: التَّعْمِيمُ هَذَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ.
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِهَا] : مِنْ كُلِّ طَعَامٍ مَائِعٍ وَمَاءِ زَهْرٍ وَوَرْدٍ.
قَوْلُهُ: [بِحَالٍ] : خِلَافًا لِابْنِ اللَّبَّادِ.
قَوْلُهُ: [بِشَيْءٍ غَوَّاصٍ] : مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ إذَا تَحَجَّرَ أَوْ تَخَلَّلَ، فَإِنَّ إنَاءَهُ يَطْهُرُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُحْرَقْ الْفَخَّارُ بِالنَّارِ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ لِكَوْنِهَا مُطَهَّرَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute