للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ) كَانَ الْقَابِضُ لَهُ (مَوْهُوبًا لَهُ) مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ (أَوْ أَحَالَ) رَبُّهُ بِهِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَى الْمَدِينِ، فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُحِيلَ يُزَكِّيهِ مِنْ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ. وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَلِذَا عَبَّرْنَا بِالْفِعْلِ الْمَعْطُوفِ عَلَى كَانَ الْمَحْذُوفَةِ بَعْدَ لَوْ. وَالْمَعْنَى: وَقَبَضَهُ عَيْنًا وَلَوْ أَحَالَ بِهِ؛ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تُعَدُّ قَبْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ عَلَى رَبِّهِ الْوَاهِبِ مِنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْفِعْلِ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ: " وَلَوْ بِهِبَةٍ أَوْ إحَالَةٍ "، فَقَوْلُنَا: " وَلَوْ أَحَالَ " فِي قُوَّةِ " وَلَوْ إحَالَةً " أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ إحَالَةً فَيُزَكِّيهِ الْمُحِيلُ. وَأَمَّا الْمُحَالُ فَيُزَكِّيهِ أَيْضًا مِنْهُ لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِهِ. وَأَمَّا الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَيُزَكِّيهِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ، وَلَوْ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقْبِضَ نِصَابًا كَامِلًا وَلَوْ فِي مَرَّاتٍ، كَأَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ عَشَرَةً،

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ الْقَابِضُ لَهُ مَوْهُوبًا] إلَخْ: أَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ: لَا زَكَاةَ فِي الْمَوْهُوبِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ.

قَوْلُهُ: [أَوْ أَحَالَ رَبُّهُ] : حَاصِلُهُ: أَنَّ كُلًّا مِنْ الْهِبَةِ وَالْحَوَالَةِ قَبْضٌ حُكْمِيٌّ لِلدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مِنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَى الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُحَالُ عَلَى الْمَذْهَبِ، خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ أَنَّ الْهِبَةَ - وَإِنْ كَانَتْ تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ - قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا مِنْ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ، بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ. وَمَفْهُومُ قَوْلُنَا: لِغَيْرِ الْمَدِينِ؛ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْحِسِّيِّ وَالْحُكْمِيِّ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ إبْرَاءٌ. وَمَحِلُّ كَوْنِ الْوَاهِبِ يُزَكِّي الدَّيْنُ الْمَوْهُوبُ لِغَيْرِ الْمَدِينِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطُ زَكَاتُهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ الزَّكَاةَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْمُحَالُ فَيُزَكِّيه] إلَخْ: أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ.

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْمُحَالُ عَلَيْهِ] إلَخْ: تَحْصُلُ مِنْ هَذَا أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ يُزَكِّيه ثَلَاثَةٌ: الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ، وَالْمُحَالُ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ. لَكِنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ يُزَكِّيَانِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَالثَّانِي يُزَكِّيه مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>