يُعْطَ. (إلَّا أَنْ يَجِدَ) الْغَرِيبُ (مُسَلِّفًا) لِمَا يُوَصِّلُهُ (وَهُوَ) : أَيْ الْحَالُ أَنَّهُ (غَنِيٌّ بِبَلَدِهِ) فَلَا يُعْطَى حِينَئِذٍ. فَالْإِعْطَاءُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: لِلْفَقِيرِ مُطْلَقًا، وَالْغَنِيِّ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا، وَعُدْمِهِ فِي صُورَةٍ. وَمَفْهُومُ مُحْتَاجٍ: أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُعْطَى وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْهَاشِمِيُّ فِيهِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ فَعَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يُوَصِّلُهُ، فَإِنْ عُدِمَ بَيْتُ الْمَالِ - كَمَا هُوَ الْآنَ - فَالْجَارِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَقِيرِ أَنْ يُعْطَى الْمَدِينُ أَوْ الْغَرِيبُ الْهَاشِمِيُّ مِنْهَا لِوَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لِمَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ، فَهَذِهِ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] إلَخْ فَلَا تُجْزِئُ لِغَيْرِهِمْ كَسُوَرٍ وَسُفُنٍ لِغَيْرِ جِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَشِرَاءِ كُتُبِ عِلْمٍ وَدَارٍ لِتُسْكَنَ أَوْ ضَيْعَةٍ لِتُوقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
(وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ) أَيْ الْمُحْتَاجِ عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يُخَصَّ بِالْإِعْطَاءِ أَوْ يُزَادَ لَهُ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ،
إذْ الْمَقْصُودُ سَدُّ الْخَلَّةِ
(لَا تَعْمِيمُ
ــ
[حاشية الصاوي]
إنْ تَابَ - وَبَيْنَ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ فَيُعْطَى إنْ تَابَ أَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: [فَالْجَارِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ] : تَحْصُلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ كَوْنِهِ هَاشِمِيًّا فِي تِلْكَ الْأَصْنَافِ إنَّمَا هُوَ لِشَرَفِهِ، فَإِنْ أَدَّى مَنْعُهُ مِنْهَا إلَى الضَّرَرِ بِهِ قُدِّمَ وَيُلْغَى الشَّرْطُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.
قَوْلُهُ: [لِغَيْرِ جِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] : أَيْ وَأَمَّا لَهُ فَيَجُوزُ. كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُنْشِئُ مِنْهَا الْمَرْكَبَ لِلْغَزْوِ وَيُعْطَى مِنْهَا كِرَاءُ النَّوَاتِيَّةِ وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَلَمْ يَنْقُلْ اللَّخْمِيُّ غَيْرَهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ - كَذَا فِي الْبُنَانِيِّ نَقَلَهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ. قَالَ الْخَرَشِيُّ: وَمِثْلُ السُّورِ وَالْمَرْكَبِ؛ الْفَقِيهُ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ، لَكِنْ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: مَحَلُّ كَوْنِ الْفَقِيهِ الَّذِي يُدَرِّسُ الْعِلْمَ أَوْ يُفْتِي لَا يَأْخُذُ مِنْهَا إذَا كَانَ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَيُعْطَى مِنْهَا وَلَوْ كَثُرَتْ كُتُبُهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ لَمْ يُعْطَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كُتُبُهُ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ، وَلَكِنْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ: إذَا مَنَعُوا حَقَّهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُمْ أَخْذُ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانُوا فُقَرَاءَ أَوْ أَغْنِيَاءَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ. (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute