لَمْ يَذْكُرْهَا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا أَعَادَ بِوَقْتٍ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا الْعَامِدُ الْقَادِرُ فَيُعِيدُ أَبَدًا، لَكِنْ نَدَبًا. فَعُلِمَ أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ نَدْبًا فِي النَّاسِ وَغَيْرِ الْعَالِمِ، وَفِي الْعَاجِزِ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْإِعَادَةِ أَبَدًا فِي الْعَامِدِ الذَّاكِرِ لَكِنْ وُجُوبًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَنَدْبًا عَلَى الثَّانِي. وَقَوْلُنَا (عَنْ مَحْمُولِ الْمُصَلِّي) أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: ثَوْبٌ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الثَّوْبَ أَيْ الْمَلْبُوسَ وَغَيْرَهُ، وَيَشْمَلُ مَا اسْتَقَرَّ بِبَطْنِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ؛ كَأَنْ شَرِبَ خَمْرًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا كَانَ عَاجِزًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَنَدْبًا عَلَى الثَّانِي] : أَيْ وَلَا غَرَابَةَ فِي النَّدْبِيَّةِ وَالْأَبَدِيَّةِ، فَقَدْ قَالُوهُ فِي الصَّلَاةِ بِمَعْطِنِ الْإِبِلِ. وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ التَّشْهِيرُ وَالِاسْتِدْلَالُ وَاخْتِلَافُ التَّفَارِيعِ. وَرَجَّحَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَ (عب) . وَعَلَيْهِ، فَمَا وَرَدَ مِنْ التَّعْذِيبِ فِي الْبَوْلِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى إبْقَائِهِ بِالْقَصَبَةِ بِحَيْثُ يُبْطِلُ الْوُضُوءَ، فَإِنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا وَمَالَ (ح) وَ (ر) إلَى أَنَّهُ لَفْظِيٌّ. قَالَا: وَعُهِدَتْ الْإِعَادَةُ أَبَدًا وُجُوبًا لِتَرْكِ السُّنَّةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ هَذَا اعْتِرَافٌ بِأَنَّهُ حَقِيقِيٌّ لَهُ ثَمَرَةٌ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ يَبْطُلُ تَرْكُهُ اتِّفَاقًا أَيْ لَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْنَا أَنَّ السُّنَّةَ إذْ اُشْتُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا أُبْطِلَ تَرْكُهَا قَطْعًا، لَكِنَّهُ يُجْعَلُ كُلُّ خِلَافٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَفْظِيًّا، وَهُوَ بَعِيدٌ مُضَيِّعٌ لِثَمَرَةِ التَّشْهِيرِ أَوْ لِصِحَّتِهِ. وَمِمَّا يُبْعِدُ كَوْنَهُ لَفْظِيًّا مَا ارْتَضَاهُ (ر) نَفْسُهُ مِنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ السُّنِّيَّةِ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْوُجُوبُ مُقَيَّدٌ. وَقَالَ فِي الْأَصْلِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " خِلَافٌ لَفْظِيٌّ "، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى إعَادَةِ الذَّاكِرِ الْقَادِرِ أَبَدًا، وَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ. قَالَهُ (ح) . وَرَدَّ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْوُجُوبِ وَنَدْبِهَا عَلَى السُّنِّيَّةِ، وَبِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَحَدِهِمَا يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْآخَرُ فَالْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ.
قَوْلُهُ: [وَغَيْرَهُ] أَيْ مِنْ سَائِرِ مَا نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [فَيَجِبُ عَلَيْهِ] إلَخْ: هَذَا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ. وَقَالَ التُّونُسِيُّ: ذَلِكَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ لَغْوٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِتَقَايُؤٍ وَلَا بِإِعَادَةٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. إنْ قُلْت: حِينَئِذٍ صَارَتْ الْمَعِدَةُ نَجِسَةً بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ. قُلْت: إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَطْهِيرِ نَفْسِ الْمَعِدَةِ، فَأَمَرْنَاهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ التَّقَيُّؤِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ وَجَبَ، لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute