فَمَنْ اكْتَحَلَ نَهَارًا أَوْ اسْتَنْشَقَ بِشَيْءٍ فَوَصَلَ أَثَرُهُ لِلْحَلْقِ أَفْسَدَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْحَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اكْتَحَلَ لَيْلًا أَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي أُذُنِهِ أَوْ أَنْفِهِ، أَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ لَيْلًا فَهَبَطَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِحَلْقِهِ نَهَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (أَوْ) وُصُولُ مَائِعٍ (لِمَعِدَةٍ) وَهِيَ الْكِرْشَةُ الَّتِي فَوْقَ السُّرَّةِ لِلصَّدْرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَوْصَلَةِ لِلطَّيْرِ؛ إذَا وَصَلَ الْمَائِعُ لَهَا بِحُقْنَةٍ (مِنْ) مَنْفَذٍ مُتَّسَعٍ (كَدُبُرٍ) أَوْ قُبُلٍ - لَا إحْلِيلٍ: أَيْ ثُقْبِ ذَكَرٍ - (كَلَهَا) أَيْ الْمَعِدَةِ أَيْ كَوُصُولِ شَيْءٍ لَهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَائِعِ (مِنْ فَمٍ) ، فَإِنَّهُ مُفْطِرٌ بِخِلَافِ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ فَقَطْ أَوْ مِنْ مَنْفَذٍ أَسْفَلَ لِلْمَعِدَةِ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْحَلْقِ مِنْ مَنْفَذٍ أَعْلَى وَلَوْ غَيْرَ الْفَمِ مُفْطِرٌ كَوُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ أَسْفَلَ إنْ اتَّسَعَ كَالدُّبُرِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ، لَا إنْ لَمْ يَصِلْ لَهَا وَلَا مِنْ إحْلِيلٍ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَائِعِ فَلَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ. وَلَكِنْ نَقَلَ الْحَطَّابُ وَغَيْرُهُ عَنْ التَّلْقِينِ: أَنَّ مَا وَصَلَ لِلْحَلْقِ مُفْطِرٌ مُطْلَقًا مِنْ مَائِعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ. وَمِنْ حُكْمِ الْمَائِعِ الْبَخُورُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّ وُصُولَهُ لِلْحَلْقِ مُفْطِرٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(أَوْ) كَفٌّ عَنْ وُصُولِ (بَخُورٍ) تَتَكَيَّفُ بِهِ النَّفْسُ كَبَخُورِ عُودٍ أَوْ مَصْطِكِي
ــ
[حاشية الصاوي]
كَلَامُهُ أَنَّ مَا يَصِلُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَنَافِذِ لَا شَيْءَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ لَيْلًا] : أَيْ وَأَمَّا مَنْ دَهَنَ رَأْسَهُ نَهَارًا وَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ، أَوْ وَضَعَ حِنَّاءً فِي رَأْسِهِ نَهَارًا فَاسْتَطْعَمَهَا فِي حَلْقِهِ، فَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ. بِخِلَافِ مَنْ حَكَّ رِجْلَهُ بِحَنْظَلٍ فَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى ثَلْجٍ فَوَجَدَ الْبُرُودَةَ فِي جَوْفِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: الْوَاصِلُ مِنْ الْعَيْنِ لَا يُفَطِّرُ فَيَجُوزُ الْكُحْلُ عِنْدَهُمْ نَهَارًا. وَمِثْلُهَا الرَّأْسُ، فَيَجُوزُ الِادِّهَانُ نَهَارًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ قُبُلٍ] : أَيْ فَرْجِ امْرَأَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ كَالْإِحْلِيلِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ غَيْرَ الْفَمِ] : أَيْ كَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالرَّأْسِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا مِنْ إحْلِيلٍ] : وَمِثْلُ الْإِحْلِيلِ الثُّقْبَةُ الضَّيِّقَةُ فِي الْمَعِدَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَكِنْ نَقَلَ الْحَطَّابُ] إلَخْ: وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى لِلْبِسَاطِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَهِيَ الْأَظْهَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute