فَالْقَضَاءُ فَقَطْ، وَالْجَوْزَاءُ قِشْرٌ يُتَّخَذُ مِنْ أُصُولِ شَجَرِ الْجَوْزِ يَسْتَعْمِلُهُ بَعْضُ نِسَاءِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ.
(وَلَا) إنْ أَفْطَرَ (بِتَأْوِيلٍ قَرِيبٍ) فَلَا كَفَّارَةَ، وَالتَّأْوِيلُ: حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ لِمُوجِبٍ، وَقَرِيبُهُ مَا ظَهَرَ مُوجِبُهُ، وَبَعِيدُهُ مَا خَفِيَ مُوجِبُهُ أَيْ دَلِيلُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الظَّنُّ، أَيْ ظَنُّ إبَاحَةِ الْفِطْرِ، وَقَرِيبُهُ مَا اسْتَنَدَ إلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ مَوْجُودٍ، وَبَعِيدُهُ: مَا اسْتَنَدَ إلَى أَمْرٍ مَوْهُومٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ.
وَمَثَّلَ لِلْقَرِيبِ بِقَوْلِهِ: (كَمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا) : فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ لِفَسَادِ صَوْمِهِ فَأَفْطَرَ، وَقَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ لِلْمُكْرَهِ؛ فَلَا كَفَّارَةَ. لِأَنَّ ظَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى فِطْرِهِ أَوَّلًا، نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا. (أَوْ) كَمَنْ (قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) فَظَنَّ إبَاحَةَ فِطْرِهِ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَفْطَرَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَحَاصِلُ الْفِقْهِ: أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا كَفَّرَ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا: إذْ ابْتَلَعَهَا عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً لَا نِسْيَانًا وَإِنْ اسْتَاك بِهَا نَهَارًا نِسْيَانًا وَوَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا لِلْجَوْفِ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا - لَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا - فَالْقَضَاءُ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ إذَا تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا لَيْلًا، وَهَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِ (عب) قَالَ (بْن) : وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا التَّوْضِيحُ إلَّا عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ وَهُوَ قَيَّدَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَهَارًا لَا لَيْلًا، وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ، وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ - كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ، وَلِذَلِكَ شَارِحُنَا قَيَّدَ بِالنَّهَارِ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ ظَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى فِطْرِهِ أَوَّلًا نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا] : أَيْ فَالنِّسْيَانُ أَوْ الْإِكْرَاهُ شُبْهَةٌ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، فَقَدْ اسْتَنَدَ لِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ وَقَدْ صُرِفَ اللَّفْظُ عَنْ ظَاهِرِهِ، لِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَى اللَّفْظِ رَفْعُ إثْمِ الْجَرَاءَةِ، وَجَوَازُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ] : أَيْ فَقَدْ اسْتَنَدَ إلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute