(أَوْ) أَفْطَرَ (لِعَزْمٍ عَلَى سَفَرٍ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (وَلَمْ يُسَافِرْ) فِيهِ فَالْكَفَّارَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ سَافَرَ فِيهِ (فَقَرِيبٌ) فَلَا كَفَّارَةَ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ مَسْأَلَةِ السَّفَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَهِيَ) : أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ عَلَى التَّخْيِيرِ: إمَّا (إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ، (لِكُلٍّ مُدٌّ) بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ.
(أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) بِالْهِلَالِ إنْ ابْتَدَأَهَا أَوَّلَ شَهْرٍ، فَإِنْ ابْتَدَأَهَا أَثْنَاءَ شَهْرٍ صَامَ الَّذِي بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا، وَكَمَّلَ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِنْ أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ عَمْدًا بَطَلَ جَمِيعُ مَا صَامَهُ وَاسْتَأْنَفَهُ.
(أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ (مُؤْمِنَةٍ) فَلَا تُجْزِئُ كَافِرَةٌ، (سَالِمَةٍ مِنْ الْعَيْبِ) كَالظِّهَارِ فَلَا تُجْزِئُ عَوْرَاءُ وَلَا بَكْمَاءُ وَلَا شَلَّاءُ وَلَا نَحْوُ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَقَرِيبٌ] : أَيْ الِاسْتِنَادَةُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [إمَّا إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا] : مُرَادُهُ التَّمْلِيكُ سَوَاءٌ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ.
قَوْلُهُ: [الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ] : أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ لَنَا مِنْ أَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا.
قَوْلُهُ: [لِكُلٍّ مُدٌّ] : أَيْ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ لَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ حَصَلَ الْمُوجِبُ الثَّانِي بَعْدَ الْإِخْرَاجِ، أَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الْأَفْضَلُ] : أَيْ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مِنْ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ بِحَضْرَةِ الْعُلَمَاءِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ فَيَعُودَ ثَانِيًا، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِطْعَامُ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَفْعًا لِتَعَدِّيهِ لِأَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ لِلْغَيْرِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ عَمْدًا] : أَيْ لَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا فَلَا يَبْطُلُ مَا صَامَهُ بَلْ يَبْنِي.
قَوْلُهُ: [كَالظِّهَارِ] : أَحَالَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ لِشُهْرَتِهِ فِي الْمَذْهَبِ.