وُجُوبًا. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ وَالْقَضَاءِ قَوْلُهُ:
(كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) : دَنِيَّةً، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِبِرِّهِ بِعِيَادَتِهِ (أَوْ جِنَازَتِهِ) أَيْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، (وَالْآخَرُ) مِنْهُمَا (حَيٌّ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا جَبْرًا لِلْحَيِّ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي حَيًّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ لِلْحَالِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَوْ نَذَرَ أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَمَرِضَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ، ثُمَّ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ وَصَادَفَ الْجُمُعَةَ، قَالَ فَلَا خَوْفَ، أَنَّ هَذَا يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَلَكِنْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ.
وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَهُوَ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لَهَا، وَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِذَلِكَ الْخُرُوجِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْجَهْمِ عَنْ مَالِكٍ، وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَاشِيهِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ (بْن) .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " خَرَجَ " أَنَّهُ إنْ ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَلَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ صَغِيرَةً لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً إلَّا إذَا كَانَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً، فَإِذَا حَصَلَ التَّرْكُ فِي ثَلَاثٍ جَرَى - عَلَى الْخِلَافِ فِي الْكَبَائِر - هَلْ تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ] : أَيْ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [دَنِيَّةً] : خَرَجَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ لِعِيَادَتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ جَرَى فِي اعْتِكَافِهِ التَّأْوِيلَانِ فِي الْبُطْلَانِ بِالْكَبَائِرِ، لِأَنَّ الْعُقُوقَ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَحَيْثُ وَجَبَ الْخُرُوجُ لِعِيَادَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَأَحْرَى عِيَادَتُهُمَا مَعًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي حَيًّا لَمْ يَجِبْ] : بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ خُرُوجِهِ لِجِنَازَتِهِمَا، كَمَا يَجِبُ خُرُوجُهُ لِعِيَادَتِهِمَا وَقَيَّدَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّجْهِيزُ عَلَى خُرُوجِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ.
قَوْلُهُ: [وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ لِلْحَالِ] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنَازَةِ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute