للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تَصِحُّ نِيَابَةٌ) مِنْ أَحَدٍ (عَنْ) شَخْصٍ (مُسْتَطِيعٍ فِي) حَجِّ (فَرْضٍ) :

ــ

[حاشية الصاوي]

وَهَلْ عَبْدُ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ مُطْلَقًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَا يَتَزَوَّجُهَا فَتُسَافِرُ مَعَهُ؟ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ أَوَّلًا مُطْلَقًا؟ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ، أَوْ إنْ كَانَ وَغْدًا فَمَحْرَمٌ تُسَافِرُ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَعَزَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ لِمَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ، وَيَقُومُ مَقَامَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ فِي سَفَرِ الْفَرْضِ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ.

تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: يُزَادُ فِي الْمَرْأَةِ أَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْمَشْيُ الْبَعِيدُ. وَيَخْتَلِفُ الْبُعْدُ بِأَحْوَالِ النِّسَاءِ، وَلَا تَرْكَبُ صَغِيرَ السُّفُنِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهَا الْمُبَالَغَةُ فِي السِّتْرِ عِنْدَ كَالنَّوْمِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَحَيْثُ وَجَدَتْ الِاسْتِطَاعَةَ بِشُرُوطِهَا، فَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ لَا إنْ سَاوَتْ الْعَطَبَ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ بِالْبَحْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: ٢٧] وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَحْرَ، فَرَدَّ بِأَنَّ الِانْتِهَاءَ لِمَكَّةَ لَا يَكُونُ إلَّا بِرًّا لِبُعْدِ الْبَحْرِ مِنْهَا. وَمَحِلُّ الْوُجُوبِ بِالْبَحْرِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَضِيعَ رُكْنُ صَلَاةٍ لِكَدَوْخَةٍ. وَأَمَّا عَدَمُ مَاءِ الْوُضُوءِ فَسَبَقَ جَوَازُ السَّفَرِ مَعَ التَّيَمُّمِ، نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ مَاءِ الشُّرْبِ حَيْثُ تَضُرُّ بِهِمْ قِلَّتُهُ، وَفِي الْخَرَشِيِّ وَغَيْرِهِ لَا يَحُجُّ إنْ لَزِمَ صَلَاتُهُ بِالنَّجَاسَةِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُنَاقَشُ بِالْخِلَافِ فِيهَا.

الثَّانِي: لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَتِهِ بِالدَّيْنِ وَلَوْ مِنْ وَلَدِهِ إذَا لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ، أَوْ بِعَطِيَّةٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لِذَلِكَ، وَيَصِحُّ بِالْمَالِ الْحَرَامِ مَعَ الْعِصْيَانِ.

فَائِدَةٌ: الْحَجُّ وَلَوْ تَطَوُّعًا أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِفَجْءِ الْعَدُوِّ، أَوْ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ، أَوْ بِكَثْرَةِ الْخَوْفِ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجِّ وَلَوْ فَرْضًا وَالْأَفْضَلُ فِي سَفَرِ الْحَجِّ الرُّكُوبُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَتَبِ رَحْلٌ صَغِيرٌ لِلسُّنَّةِ وَالْبُعْدِ عَنْ الْكِبْرِ.

قَوْلُهُ: [عَنْ شَخْصٍ مُسْتَطِيعٍ] إلَخْ: لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ " مُسْتَطِيعٍ فِي فَرْضٍ "، بَلْ الِاسْتِنَابَةُ فَاسِدَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ مُسْتَطِيعًا أَوْ لَا، فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إنْ كَانَ حَيًّا كَمَا سَيَأْتِي اعْتِمَادُهُ فِي الشَّارِحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>