فَلَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِهَا.
(وَوَقْتُهُ) الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا (لِلْحَجِّ) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ: أَيْ ابْتِدَاءُ وَقْتِهِ لَهُ: (شَوَّالٌ) مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ عِيدِ الْفِطْرِ، وَيَمْتَدُّ (لِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ؛ فَمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ فَجْرِهِ بِلَحْظَةٍ وَهُوَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْإِفَاضَةُ وَالسَّعْيُ بَعْدَهَا لِأَنَّ الرُّكْنَ عِنْدَنَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لَيْلًا، وَقَدْ حَصَلَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ دَمٌ وَلَا غَيْرُهُ وَهِيَ: الْإِحْرَامُ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. وَهَذِهِ الْأَرْكَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَفُوتُ الْحَجُّ بِتَرْكِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِشَيْءٍ: وَهُوَ الْإِحْرَامُ. وَقِسْمٌ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ بِعُمْرَةٍ وَبِالْقَضَاءِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهُوَ الْوُقُوفُ، وَقِسْمٌ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ وَلَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْإِحْرَامِ وَلَوْ وَصَلَ لِأَقْصَى الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ رَجَعَ لِمَكَّةَ لِيَفْعَلَ: وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ وَالثَّلَاثَةُ غَيْرُ السَّعْيِ مُتَّفَقٌ عَلَى رُكْنِيَّتِهَا، وَأَمَّا السَّعْيُ فَقِيلَ بِعَدَمِ رُكْنِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَزَادَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْأَرْكَانِ: الْوُقُوفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَرَمْيَ الْعَقَبَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا غَيْرُ رُكْنَيْنِ، بَلْ الْأَوَّلُ مُسْتَحَبٌّ وَالثَّانِي وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلًا بِرُكْنِيَّةِ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ. وَاخْتُلِفَ فِي اثْنَيْنِ خَارِجِ الْمَذْهَبِ وَهُمَا: النُّزُولُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَالْحِلَاقِ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ فَهِيَ تِسْعَةٌ بَيْنَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ وَخَارِجِهِ. قَالَ (ح) : يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إذَا أَتَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الرُّكْنِيَّةَ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَلِيَكْثُرَ الثَّوَابُ - أَشَارَ لَهُ الشَّبِيبِيُّ (اهـ بْن نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِهَا] : أَيْ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ فِي تَرْكِ التَّلْبِيَةِ وَالتَّجَرُّدِ حِينَ النِّيَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
قَوْلُهُ: [وَوَقْتُهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ] : أَيْ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ فَجْرِهِ بِلَحْظَةٍ] : أَيْ فَالْمُرَادُ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي ذَكَرَهُ ظَرْفٌ مُتَّسَعٌ لِلْإِحْرَامِ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى عَلَى فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لَحْظَةٌ يُدْرِكُ بِهَا الْإِحْرَامَ فَيَصِيرُ مَضِيقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute