إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك. (وَ) نُدِبَ (تَجْدِيدُهَا لِتَغَيُّرِ حَالٍ) : كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَرَحِيلٍ وَحَطٍّ وَيَقَظَةٍ مِنْ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ (وَخَلْفِ صَلَاةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً، (وَ) عِنْدَ (مُلَاقَاةِ رِفَاقٍ) أَوْ رُفْقَةٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
حِينَ أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ بِهِ فِي النَّاسِ، وَكَمَا أَجَبْتُك أَوَّلًا حِينَ خَاطَبْت الْأَرْوَاحَ بِ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٧٢] كَذَا وَقِيلَ الْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى لَبَّيْكَ إجَابَةٌ لَك بَعْدَ إجَابَةٍ فِي جَمِيعِ أَمْرِك وَكُلِّ خِطَابَاتِك.
قَوْلُهُ: [إنَّ الْحَمْدَ] : يُرْوَى بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى التَّعْلِيلِ، وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لِأَنَّ مَنْ كَسَرَ جَعَلَ مَعْنَاهُ إنَّ الْحَمْدَ لَك عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمَنْ فَتْح جَعَلَ مَعْنَاهُ لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ. تَنْبِيهٌ: كَانَ عُمَرُ يَزِيدُ: " لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْهُوبًا مِنْك وَمَرْغُوبًا إلَيْك "، وَزَادَ ابْنُهُ: " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك "، وَهَذِهِ النِّيَّةُ تُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ لِقَوْلِ التَّهْذِيبِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُلَبِّيَ بِهَا مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ، وَرَآهُ سَخَافَةَ عَقْلٍ.
وَأَمَّا إجَابَةُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ بِالتَّلْبِيَةِ فَهِيَ مِنْ خَصَائِصِهِ - كَذَا فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ (بْن) : وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ، وَالظَّاهِرُ - كَمَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ: إنَّ الَّذِي كَرِهَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُ تَلْبِيَةِ الْحَجِّ فِي غَيْرِهِ، كَاِتِّخَاذِهَا وِرْدًا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ: لَبَّيْكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، بَلْ هُوَ أَحْسَنُ أَدَبًا وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ عَائِشَةَ: «مَا نَادَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا أَهْلِ مِلَّتِهِ إلَّا قَالَ: لَبَّيْكَ» ، وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ. (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَعِنْدَ مُلَاقَاةِ رِفَاقٍ] : أَيْ فَتَكُونُ شِعَارَهُمْ تُغْنِي عَنْ التَّحِيَّةِ، وَلِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute