للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا يَجِبُ طَوَافُ الْقُدُومِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ: (بِأَنَّ أَحْرَمَ) بِالْحَجِّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا (مِنْ الْحِلِّ) إذَا كَانَ دَارُهُ خَارِجَ الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، وَخَرَجَ لِلْحِلِّ لِقِرَانِهِ أَوْ لِمِيقَاتِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقُدُومُ.

(وَلَمْ يُرَاهِقْ) بِكَسْرِ الْهَاءِ: أَيْ يُقَارِبْ الْوَقْتَ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ، إنْ اشْتَغَلَ بِالْقُدُومِ. وَبِفَتْحِهَا: أَيْ لَمْ يُزَاحِمْهُ الْوَقْتُ، فَإِنْ زَاحَمَهُ وَخَشِيَ فَوَاتَ الْحَجِّ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ سَقَطَ الْقُدُومُ. بَلْ يَجِبُ تَرْكُهُ لِإِدْرَاكِ الْحَجِّ. وَمِثْلُ الْمُرَاهِقِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ، وَإِذَا اسْتَمَرَّ عُذْرُهُمْ حَتَّى لَا يُمْكِنُهُمْ الْإِتْيَانُ بِالْقُدُومِ.

(وَلَمْ يُرْدِفْ) الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِحَرَمٍ. (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَا قُدُومَ عَلَيْهِ؛ (فَ) يَجِبُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ سَعْيِهِ (بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) لِيَقَعَ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ.

(فَإِنْ قَدَّمَهُ) عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ نَفْلٍ (أَعَادَهُ) وُجُوبًا بَعْدَهُ، (وَأَعَادَ لَهُ الْإِفَاضَةَ) إنْ لَمْ يَسْعَ بَعْدَهَا وَطَالَ الزَّمَنُ (مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَدَمٌ) يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِبَلَدِهِ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ رُكْنًا.

(وَنُدِبَ لِدَاخِلِ مَكَّةَ نُزُولٌ بِطُوًى) : بَطْحَاءُ مُتَّسَعَةٌ يَكْتَنِفُهَا جِبَالٌ قُرْبَ مَكَّةَ فِي وَسَطِهَا بِئْرٌ. (وَ) نُدِبَ (غُسْلٌ بِهَا) : أَيْ فِيهَا (لِغَيْرِ حَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ، لِأَنَّهُ لِلطَّوَافِ وَهِيَ لَا يُمْكِنُهَا الطَّوَافُ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ.

ــ

[حاشية الصاوي]

الْقُدُومِ أَخَّرَهُ وُجُوبًا وَعَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا سَيَقُولُ.

قَوْلُهُ: [حَتَّى لَا يُمْكِنَهُمْ الْإِتْيَانُ بِالْقُدُومِ] : أَيْ مَعَ إدْرَاكِ الْوُقُوفِ.

قَوْلُهُ: [وَطَالَ الزَّمَنُ] : مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالسَّعْيِ، وَلَا يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ لِأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ مُغْتَفَرٌ.

قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ رُكْنًا] : أَيْ لِكَوْنِهِ أَتَى بِأَصْلِ الرُّكْنِ وَهُوَ السَّعْيُ بَعْدَ طَوَافٍ غَيْرِ وَاجِبٍ. وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ وَاجِبًا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ حَيْثُ بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ وَمَا دَامَ بِهَا لَا يُجْبِرُهُ الدَّمُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.

قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ غُسْلٌ بِهَا] : أَيْ فَهُوَ نَفْسُهُ مَنْدُوبٌ. وَكَوْنُهُ بِهَذَا الْمَكَانِ مَنْدُوبٌ ثَانٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>