وَكَوْنُهُ مُتَوَالِيًا (بِلَا كَثِيرِ فَصْلٍ، وَإِلَّا) بِأَنْ فَصَلَ كَثِيرًا لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا (ابْتَدَأَهُ) مِنْ أَوَّلِهِ، وَبَطَلَ مَا فَعَلَهُ.
(وَقَطَعَ) طَوَافَهُ وُجُوبًا وَلَوْ رُكْنًا (لِإِقَامَةِ) صَلَاةِ (فَرِيضَةٍ) لِرَاتِبٍ، إذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا، أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ. وَالْمُرَادُ بِالرَّاتِبِ: إمَامُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِمَقَامِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَقْطَعُ لَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الرَّاتِبِ، كَذَا قِيلَ. (وَ) إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ شَوْطٍ (نُدِبَ) لَهُ (كَمَالُ الشَّوْطِ) الَّذِي هُوَ فِيهِ، بِأَنْ يَنْتَهِيَ لِلْحَجَرِ لِيَبْنِيَ عَلَى طَوَافِهِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَوَّلِ الشَّوْطِ، فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهُ ابْتَدَأَ فِي مَوْضِعِ خُرُوجِهِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ ذَلِكَ الشَّوْطَ؛ (وَبَنَى) عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ طَوَافِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَقَبْلَ تَنَفُّلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَصْلَ بِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لَا يُبْطِلُهُ، بِخِلَافِ النَّافِلَةِ وَالْجِنَازَةِ.
وَكَذَا لَا يُبْطِلُهُ الْفَصْلُ لِعُذْرٍ كَرُعَافٍ؛ وَلِذَا شَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ قَوْلَهُ: (كَأَنْ رَعَفَ) فَإِنَّهُ يَبْنِي بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ بِالشُّرُوطِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الصَّلَاةِ؛ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَتَعَدَّى مَوْضِعًا قَرِيبًا لِأَبْعَدَ مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ فِي نَفْسِهِ؛ وَأَنْ لَا يَطَأَ نَجَاسَةً.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ سَقَائِفُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَدَّلَهَا بَعْضُ السَّلَاطِينِ مِنْ بَنِي عُثْمَانَ بِقِبَابٍ مَعْقُودَةٍ، وَأَمَّا السَّقَائِفُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ خَلْفَ الْقِبَابِ فَالطَّوَافُ بِهَا بَاطِلٌ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْمَسْجِد.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ فَصَلَ كَثِيرًا] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ، بَلْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مُبْطِلٌ لِلطَّوَافِ وَلَوْ قَلَّ الْفَصْلُ، لِأَنَّهَا فِعْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ لَهَا اتِّفَاقًا. قَالَ فِي الْأَصْلِ: مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ، فَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَجَبَ الْقَطْعُ إنْ خَشِيَ تَغَيُّرَهَا وَإِلَّا فَلَا يَقْطَعُ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَطْعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْنِي كَالْفَرِيضَةِ كَذَا قَالُوا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (اهـ) . وَأَمَّا لَوْ قَطَعَ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ بَنَى، وَإِلَّا ابْتَدَأَهُ.
قَوْلُهُ: [كَذَا قِيلَ] : تَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ الْخِلَافُ فِيهِ فَانْظُرْهُ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ النَّافِلَةِ] إلَخْ: أَيْ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الْفَصْلُ بِهَا وَلَوْ يَسِيرًا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ أُخْرَى. وَتَقَدَّمَ التَّفْصِيلُ فِي الْجِنَازَةِ. قَوْلُهُ: [كَأَنْ رَعَفَ فَإِنَّهُ يَبْنِي] : أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ أَوْ سَقَطَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute