بَيْنَهُمَا. وَمَنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ. وَهَذِهِ الشَّعَائِرُ وَالْخُطْبَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَرَّ مَقَامُهُ - بِفَضْلِ اللَّهِ - فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ كَمَا شَاهَدْنَا ذَلِكَ يُقِيمُهَا أَهْلُ مَكَّةَ وَغَالِبُ الْأَعَاجِمِ مِنْ الْأَرْوَامِ وَالْبَرَابِرَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا، وَلَوْ حَجَّ مِرَارًا كَثِيرَةً، حَتَّى أَمِيرُ الْحَجِّ الْمِصْرِيُّ أَوْ الشَّامِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ بِعَرَفَةَ مَسْجِدًا مِنْ أَصْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ شَأْنَ الْحَجِّ النُّزُولُ بِقُرْبِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ شَرْقِيَّ عَرَفَةَ وَمَسْجِدُهَا فِي جِهَتِهَا الْغَرْبِيَّةِ، وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ وَفِيهَا أَشْجَارٌ وَكَلَأٌ، فَقَلَّ أَنْ يَتَنَبَّهَ الْغَافِلُ لِرُؤْيَةِ الْمَسْجِدِ، إلَّا أَنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ لِكَوْنِ الْإِمَامِ حَنَفِيًّا. وَأَمْرُ الْحَرَمَيْنِ مَنُوطٌ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَهُوَ حَنَفِيٌّ.
(وَنُدِبَ وُقُوفٌ) بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرَيْنِ (بِجَبَلِ الرَّحْمَةِ) : مَكَانٌ مَعْلُومٌ شَرْقِيَّ عَرَفَةَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْعِظَامِ، وَهُنَاكَ قُبَّةٌ يُسَمِّيهَا الْعَوَامُّ قُبَّةُ أَبِينَا آدَمَ (مُتَوَضِّئًا) لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمَشَاهِدِ وَلَيْسَ الْوُضُوءُ بِوَاجِبٍ لِلْمَشَقَّةِ.
(وَ) نُدِبَ الْوُقُوفُ (مَعَ النَّاسِ) : لِأَنَّ فِي جَمْعِهِمْ مَزِيدَ الرَّحْمَةِ وَالْقَبُولِ (وَ) نُدِبَ (رُكُوبُهُ بِهِ) : أَيْ الْوُقُوفِ؛ أَيْ فِي حَالَةِ وُقُوفِهِ (فَقِيَامٌ) عَلَى قَدَمَيْهِ، (إلَّا لِتَعَبٍ) فَيَجْلِسُ. (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ) بِمَا أَحَبَّ مِنْ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَتَضَرُّعٌ) : أَيْ خُشُوعٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [جَمَعَ فِي رَحْلِهِ] : فَإِنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ عَلَيْهِ دَمٌ حَكَاهُ فِي اللُّمَعِ وَاسْتَبْعَدَهُ الْقَرَافِيُّ.
قَوْلُهُ: [وَهُنَاكَ قُبَّةٌ] إلَخْ: قِيلَ هِيَ مَحَلُّ الْتِقَاءِ آدَمَ مَعَ حَوَّاءَ بَعْدَ هُبُوطِهِمَا مِنْ الْجَنَّةِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ عَرَفَاتٌ لِتَعَارُفِهِمَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ رُكُوبُهُ بِهِ] : أَيْ لِوُقُوفِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَذَلِكَ، وَلِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى مُوَاصَلَةِ الدُّعَاءِ وَأَقْوَى عَلَى الطَّاعَةِ، وَيُحْمَلُ النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ» ، عَلَى مَا إذَا حَصَلَ مَشَقَّةٌ أَوْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ.
قَوْلُهُ: [دُعَاءٌ بِمَا أَحَبَّ] : أَيْ بِأَيِّ دُعَاءٍ كَانَ وَيُنْدَبُ ابْتِدَاؤُهُ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ أَفْضَلُهُ دَعَوَاتُ الْقُرْآنِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ مِنْ الدَّعَوَاتِ النَّبَوِيَّةِ وَالدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْعِرْفَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute