الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ، وَمَا مُبْتَدَأٌ، وَحُمِلَ خَبَرُهُ؛ يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَسْقُطُ عَلَى شَخْصٍ مَارٍّ أَوْ جَالِسٍ فِي طَرِيقٍ مِنْ سَقْفٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ تَقُمْ أَمَارَةٌ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَا نَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا يُطْلَبُ غَسْلُهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ السَّاقِطُ مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ، لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الطَّهَارَةُ.
وَإِنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِمْ أَوْ كُفْرِهِمْ حُمِلُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ طَهَارَتِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ لَكِنَّهُ إنْ سَأَلَ صَدَّقَ الْمُجِيبَ إنْ كَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا صَالِحًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا. فَإِنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ وَجَبَ الْغَسْلُ، أَيْ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا، وَإِلَّا نُدِبَ. وَلَا عِبْرَةَ بِإِخْبَارِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ، وَيَنْبَغِي نَدْبُ الْغَسْلِ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ. وَأَمَّا مَا سَقَطَ مِنْ بُيُوتِ الْكُفَّارِ فَمَحْمُولٌ عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى النَّجَاسَةِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ، إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَدْلٌ حَاضِرٌ مَعَهُمْ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ. وَعِبَارَتُنَا أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخِ مِنْ وُجُوهٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. (وَإِنَّمَا يَجِبُ الْغَسْلُ إنْ ظَنَّ إصَابَتَهَا فَإِنْ عَلِمَ مَحَلَّهَا؛ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَشْكُوكِ) : لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ الْمُصَابِ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنَاءٍ إلَّا إذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
فَهَذِهِ خَمْسَةَ عَشْرَ؛ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَةُ الْوَاقِعِ أَوْ ظُنَّتْ أَوْ تُحُقِّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَ صُورَةً. وَأَمَّا إذَا شَكَّ، فَإِنْ كَانَ مَارًّا أَوْ جَالِسًا تَحْتَ سَقَائِفِ مُسْلِمِينَ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ سُؤَالٌ. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِالنَّجَاسَةِ عَمِلَ عَلَيْهَا إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ. وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا مَا لَمْ يُخْبِرْهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِالطَّهَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مَعَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ عَلَيْهِ] : أَيْ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ.
قَوْلُهُ: [لَكِنَّهُ إنْ سَأَلَ] : أَيْ كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ.
قَوْلُهُ: [إنْ أُخْبِرَ بِالنَّجَاسَةِ] : أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَدْلٌ] : أَيْ فَيُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مَعَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ فِيمَا يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا بُدَّ مَعَ الْعَدَالَةِ مِنْ اتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ] : أَيْ فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ وَجَدَ فِيهَا إجْمَالًا مِنْ وُجُوهٍ وَإِيهَامِ خِلَافِ الْمُرَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute