للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَالَ طَعْمُهَا، بِخِلَافِ لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا كَمَصْبُوغٍ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) ؛ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ يَطْهُرُ إنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْهُ طَاهِرًا وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ طَهُورًا خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ. بَلْ الْمَدَارُ عَلَى زَوَالِ طَعْمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْنِهَا وَرِيحِهَا فَمَتَى بَقِيَ فِي الْمَاءِ الْمُنْفَصِلِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَحَلُّ لَمْ يَطْهُرْ وَالْغُسَالَةُ نَجِسَةٌ، لَكِنَّ الطَّعْمَ لَا بُدَّ فِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ مِنْ زَوَالِهِ، وَلَوْ تَعَسَّرَ. وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالرِّيحُ فَإِنْ تَيَسَّرَ زَوَالُهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِمَا وَإِنْ تَعَسَّرَ، كَثَوْبٍ مَصْبُوغٍ بِزَعْفَرَانٍ مُتَنَجِّسٍ أَوْ نِيلَةٍ كَذَلِكَ، كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الدَّنِّ فَأْرٌ فَمَاتَ فِيهِ - كَمَا يَتَّفِقُ كَثِيرًا - أَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ مَنِيٌّ انْطَبَعَ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُمَا لِعُسْرِهِ عَادَةً، إذْ لَا يَرْجِعُ عَادَةً لِحَالَتِهِ الْأُولَى. وَلَا يُقَالُ الرِّيحُ يَسْهُلُ زَوَالُهُ، لِأَنَّا نَقُولُ بَعْضُ الرَّوَائِحِ كَالْمِسْكِ وَالزَّبَادِ الْمُتَنَجِّسَيْنِ لَا يَسْهُلُ زَوَالُ رِيحِهِمَا. فَقَوْلُهُ: (كَمَصْبُوغٍ بِهَا) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ مِثَالٌ لِلْمُتَعَسِّرِ، فَإِذَا طَهُرَ بِانْفِصَالِ الْمَاءِ طَاهِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ عَصْرُهُ.

(وَتَطْهُرُ الْأَرْضُ بِكَثْرَةِ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا) : الْأَرْضُ الْمُتَنَجِّسَةُ إذَا انْصَبَّ الْمَاءُ

ــ

[حاشية الصاوي]

وَاللَّحَّامِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ. فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِهِ إزَالَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ، بَلْ مَتَى انْفَصَلَ الْمَاءُ خَالِيًا عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ كَفَى، كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: [وَزَالَ طَعْمُهَا] : وَيُتَصَوَّرُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ - وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ذَوْقُهَا - بِأَنْ تَكُونَ فِي الْفَمِ، أَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهَا، فَجَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ، اخْتِبَارًا أَوْ ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَذَاقَهَا. وَحُرْمَةُ ذَوَاقِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّلَطُّخَ بِهَا حَرَامٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .

قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ لَوْنٍ وَرِيحٍ] إلَخْ: أَيْ وَلَا يَجِبُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ لِإِزَالَتِهِمَا، بِخِلَافِ الطَّعْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

قَوْلُهُ: [شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ] : أَيْ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا.

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالرِّيحُ] إلَخْ: إنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ وَبَيْنَ الطَّعْمِ؟ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ طَعْمَ جُرْمِ النَّجَاسَةِ بَاقٍ مَعَهُ بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ فَهُمَا مِنْ الْأَعْرَاضِ. قَوْلُهُ: [لَمْ يَلْزَمْهُ عَصْرُهُ] : أَيْ حَيْثُ زَالَ الطَّعْمُ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ تَثْلِيثُ الْغَسْلِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَلَا تَسْبِيعُهُ خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ (انْتَهَى شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>