(وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ) : فَإِذَا اخْتَارَ النُّسُكَ وَنَوَى بِهِ الْهَدْيَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهُ بِمِنًى بِشُرُوطِهِ، أَوْ مَكَّةَ، وَقَوْلُنَا فِيمَا تَقَدَّمَ: لَا " تَتَقَيَّدُ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ ": أَيْ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهَا الْهَدْيَ. فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ الثَّانِيَةِ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا (بَعْدَ) بُلُوغِ (الْمَحِلِّ) مِنًى أَوْ مَكَّةَ، وَيَأْكُلُ مِنْهَا قَبْلَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا لِكَوْنِهَا لَمْ تُجْزِهِ قَبْلَ مَحِلِّهَا.
(وَهَدْيِ تَطَوُّعٍ) لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ إذَا (عَطِبَ قَبْلَهُ) فَقَطْ، أَيْ قَبْلَ الْمَحِلِّ بِأَنْ عَطِبَ فَنَحَرَهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي عَطَبِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ. وَمِثْلُهُ نَذْرٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ مُطْلَقًا.
الثَّانِي: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحِلِّ، الثَّالِثُ: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلَهُ وَيَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَهُ. وَبَقِيَ رَابِعٌ يَأْكُلُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ (مُطْلَقًا)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا] : أَيْ يَبْعَثُهُ إلَى الْمَحَلِّ فَلَا تُهْمَةَ فِي أَكْلِهِ مِنْهَا وَلَا مَظْلَمَةَ لِلْمَسَاكِينِ.
قَوْلُهُ: [الْأَوَّلُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ مُطْلَقًا] : وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ لِلْمَسَاكِينِ، وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ لِلْمَسَاكِينِ، وَفِدْيَةٌ لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا.
قَوْلُهُ: [الثَّانِي لَا يَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ] : وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَيْضًا نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يُعَيَّنْ، وَجَزَاءُ الصَّيْدِ، وَفِدْيَةٌ جُعِلَتْ هَدْيًا.
قَوْلُهُ: [الثَّالِثُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلَهُ] : وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَيْضًا: هَدْيُ التَّطَوُّعِ الَّذِي لَمْ يُجْعَلْ لِلْمَسَاكِينِ، عُيِّنَ أَمْ لَا، وَنَذْرٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يُجْعَلْ لِلْمَسَاكِينِ فَتَدَبَّرْ.
قَوْلُهُ: [الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ] : أَيْ الَّتِي احْتَوَتْ تَفْصِيلًا عَلَى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ، أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَيْرِهَا وَيَتَزَوَّدَ وَيُطْعِمَ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَالْكَافِرَ وَالْمُسْلِمَ، سَوَاءٌ بَلَغَتْ الْمَحَلَّ أَوْ عَطِبَتْ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute