لَوْ قَصَدَ مُجَرَّدَ مَوْتِهَا، أَوْ قَصَدَ ضَرْبَهَا فَأَصَابَ مَحَلَّ الذَّبْحِ، أَوْ كَانَ الْقَاطِعُ لِلْمَحَلِّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلَا تُؤْكَلُ، فَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ التَّمَامِ وَطَالَ عُرْفًا ثُمَّ عَادَ وَتَمَّمَ الذَّبْحُ لَمْ تُؤْكَلْ إنْ كَانَ أَنْفَذَ بَعْضَ مَقَاتِلِهَا، بِأَنْ قَطَعَ وَدَجًا أَوْ بَعْضَ الْوَدَجَيْنِ.
(وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ فَصْلٍ) ، أَيْ كَمَا لَوْ رَفَعَ يَدَهُ لِعَدَمِ حَدِّ السِّكِّينِ وَأَخَذَ غَيْرَهَا أَوْ سَنَّهَا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ، (وَلَوْ رَفَعَهَا اخْتِيَارًا) : وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ طَالَ الْفَصْلُ ضَرَّ مُطْلَقًا رَفَعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا وَإِنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا. وَالطُّولُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ؛ وَهَذَا إذَا أَنْفَذَ بَعْضَ مَقَاتِلِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ حِينَئِذٍ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لَكِنْ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ إنْ طَالَ، لَا إنْ لَمْ يَطُلْ وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ لَيْسَ مِنْ الْمَقَاتِلِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَسَيَأْتِي يُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: [وَالطُّولُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ] : أَيْ وَلَا يُحَدُّ بِثَلَثِمِائَةِ بَاعٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ - أَخْذًا مِنْ فَتْوَى ابْنِ قَدَّاحٍ - فِي ثَوْرٍ أَضْجَعَهُ الْجَزَّارُ وَجَرَحَهُ فَقَامَ هَارِبًا وَالْجَزَّارُ وَرَاءَهُ، ثُمَّ أَضْجَعَهُ ثَانِيًا وَكَمَّلَ ذَبْحَهُ فَأَفْتَى ابْنُ قَدَّاحٍ بِأَكْلِهِ، وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْهُرُوبِ ثَلَثَمِائَةِ بَاعٍ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: هَذَا التَّحْدِيدُ لَا يُوَافِقُهُ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ، عَلَى أَنَّ فَتْوَى ابْنِ قَدَّاحٍ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى التَّحْدِيدِ بِمَسَافَةِ الْقُرْبِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الذَّبِيحَةَ لَمْ تَكُنْ مَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا عَادَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ] : ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ؛ أَرْبَعٌ فِي مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ، وَأَرْبَعٌ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَلَك أَنْ تَجْعَلَهَا سِتَّةَ عَشَرَ بِأَنْ تَقُولَ: إذَا عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ مُطْلَقًا؛ أَنَفَذَتْ الْمَقَاتِلُ أَمْ لَا، رُفِعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا، كَانَ الْعَائِدُ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ. وَأَمَّا إنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ تَنْفُذْ الْمَقَاتِلُ أُكِلَتْ مُطْلَقًا رُفِعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا كَانَ الْعَائِدُ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ؛ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ إذَا نَفَذَتْ لَمْ تُؤْكَلْ مُطْلَقًا، رُفِعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا، كَانَ الْعَائِدُ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ؛ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ فَتُؤْكَلُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَلَا تُؤْكَلُ فِي أَرْبَعٍ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ إنْ طَالَ] : هَذَا إذَا كَانَ الْعَائِدُ لِلذَّبْحِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا لَوْ عَادَ لِلذَّبْحِ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute