فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ. (بِمُحَدَّدٍ) : مُتَعَلِّقٌ ب " جُرْحٍ "، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُحَدَّدُ سِلَاحًا أَوْ غَيْرَهُ - كَحَجَرٍ لَهُ سِنٌّ فَهُوَ - أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: " بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ ". وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْعَصَا وَالْحَجَرِ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ، وَالْبُنْدُقُ: أَيْ الْبِرَامِ الَّذِي يَرْمِي بِالْقَوْسِ فَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا مَاتَ مِنْهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ. وَأَمَّا صَيْدُهُ بِالرَّصَاصِ فَيُؤْكَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ السِّلَاحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ.
(أَوْ حَيَوَانٍ) : عَطْفٌ عَلَى " مُحَدَّدٍ ": أَيْ جَرَحَهُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ (عُلِّمَ) بِالْفِعْلِ كَيْفِيَّةَ الِاصْطِيَادِ، وَالْمَعْنَى: هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ عَادَةً كَالنَّمِرِ (مِنْ طَيْرٍ)
ــ
[حاشية الصاوي]
فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ، وَلَوْ تَوَحَّشَتْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهَا وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ فَلَا يُؤْكَلُ] إلَخْ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ أَكْلِ الْمُتَرَدِّي بِالْعَقْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُؤْكَلُ الْمُتَرَدِّي الْمَعْجُوزُ عَنْ ذَكَاتِهِ مُطْلَقًا بَقَرًا أَوْ غَيْرَهُ بِالْعَقْرِ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ.
قَوْلُهُ: [وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّيْدَ بِبُنْدُقِ الرَّصَاصِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ؛ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ قِيَاسًا عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَوِيِّ وَابْنِ غَازِي وَسَيِّدِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيِّ، لِمَا فِيهِ مِنْ إنْهَارِ الدَّمِ وَالْإِجْهَازِ بِسُرْعَةِ الَّذِي شُرِعَتْ الذَّكَاةُ لِأَجْلِهِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْعِصِيِّ وَبُنْدُقِ الطِّينِ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ الصَّيْدُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقْتَلِ، وَإِلَّا ذُكِّيَ وَأُكِلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا إذَا أَخَذَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَنَا وَلَوْ أُدْرِكَ حَيًّا ذُكِّيَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا أُدْرِكَ حَيًّا وَلَوْ مَنْفُوذَ جَمِيعِ الْمَقَاتِلِ وَذُكِّيَ يُؤْكَلُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي عَدَمِ أَكْلِ مَا مَاتَ بِبُنْدُقِ الطِّينِ، وَفِي أَكْلِ الَّذِي لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ حَيْثُ أُدْرِكَ حَيًّا وَذُكِّيَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا أُدْرِكَ حَيًّا مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ وَذُكِّيَ، فَعِنْدَهُمْ يُؤْكَلُ وَعِنْدَنَا لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ] : قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ هَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute