الْهَمْزَةِ فِيهِمَا (إنْ نَوَى بِاَللَّهِ) وَأَوْلَى إنْ تَلَفَّظَ بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ، (وَأَعْزِمُ إنْ قَالَ) أَيْ لَفَظَ (بِاَللَّهِ) بِأَنْ قَالَ: أَعْزِمُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَيَمِينٌ لَا إنْ لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَلَوْ نَوَى بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَقْصِدُ وَأَهْتَمُّ، فَإِذَا قَالَ بِاَللَّهِ اقْتَضَى أَنَّ الْمَعْنَى أُقْسِمُ.
(لَا) يَكُونُ لِيَمِينٍ (بِنَحْوِ الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ) مِنْ كُلِّ صِفَةِ فِعْلٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهَا أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْمَقْدُورِ وَلِذَا قَالَ الْأَشَاعِرَةُ: صِفَاتُ الْأَفْعَالِ حَادِثَةٌ، (وَلَا بِأُعَاهِدُ اللَّهَ) مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ، فَلَيْسَ بِيَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ مُعَاهَدَتَهُ تَعَالَى لَيْسَتْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، (أَوْ لَك عَلَيَّ عَهْدٌ أَوْ أُعْطِيَك عَهْدًا) لَأَفْعَلَنَّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، (أَوْ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ) لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، بِخِلَافِ عَزَمْت بِاَللَّهِ أَوْ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ نَوَى بِاَللَّهِ] : الْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ التَّقْدِيرُ وَالْمُلَاحَظَةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُلَاحِظْ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَقْصِدُ وَأَهْتَمُّ] : تَعْلِيلٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَعْزِمُ وَمَا قَبْلَهُ. حَاصِلُهُ: أَنَّ أَعْزِمَ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ أَقْصِدُ وَأَهْتَمُّ كَانَ غَيْرَ مَوْضُوعٍ لِلْقَسَمِ فَاحْتَاجَ إلَى التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِلْقَسَمِ كَانَتْ الْمُلَاحَظَةُ كَافِيَةً.
قَوْلُهُ: [وَلِذَا قَالَ الْأَشَاعِرَةُ] إلَخْ: أَيْ مِنْ أَجْلِ تَجَدُّدِهَا قَالُوا: إنَّهَا حَادِثَةٌ، لِأَنَّ كُلَّ مُتَجَدِّدٍ حَادِثٌ. خِلَافًا لِلْمَاتُرِيدِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: صِفَةُ الْفِعْلِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ قَدِيمَةٌ يُسَمُّونَهَا التَّكْوِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَهُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَسُبْحَانَ مَنْ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَبْلُغُ الْوَاصِفُونَ صِفَتَهُ.
قَوْلُهُ: [لَيْسَتْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ] : أَيْ بَلْ هِيَ مِنْ صِفَاتِ الْعَبْدِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ عَزَمْت بِاَللَّهِ] إلَخْ: الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ التَّصْرِيحُ بِعَلَيْك وَعَدَمُهُ، فَالْإِتْيَانُ بِعَلَيْك صَيَّرَهُ غَيْرَ يَمِينٍ، وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْيَمِينِ قَوْلُ الشَّخْصِ يَعْلَمُ اللَّهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا يَلْزَمُهُ إثْمُ الْكَذِبِ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَقَوْلُ الْعَامَّةِ: مَنْ أَشْهَدَ اللَّهَ بَاطِلًا كَفَرَ لَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ أَنَّهُ يَخْفَى عَلَيْهِ الْوَاقِعُ، وَأَوْلَى فِي عَدَمِ لُزُومِ الْيَمِينِ اللَّهُ رَاعٍ أَوْ حَفِيظٌ وَمَعَاذَ اللَّهَ، وَحَاشَى لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute