(وَلَا يُفِيدُ) : أَيْ اللَّغْوُ (فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ) وَهُوَ التَّعْلِيقُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ، فَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ: لَقَدْ فَعَلَ زَيْدٌ كَذَا، أَوْ: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ، فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَمْ يُفِدْهُ اعْتِقَادُهُ وَلَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ.
(كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) : فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ وَلَا يَنْفَعُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، فَمَنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَعَبْدِي حُرٌّ، أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ، أَوْ صَدَقَةٌ بِدِينَارٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ مَا ذُكِرَ وَلَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ) اللَّهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُرِيدَ) اللَّهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَقْضِيَ) اللَّهُ.
وَيُفِيدُ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ إذَا تَعَلَّقَتْ بِمُسْتَقْبَلٍ نَحْوَ: وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ، وَمَعْنَى الْإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ قَصَدَهُ) : أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ حَلَّ الْيَمِينُ بِلَفْظٍ مِمَّا ذُكِرَ لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ، وَلَا إنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ فَلَا يُفِيدُهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ] : أَيْ وَمِثْلُهَا النَّذْرُ الْمُبْهَمُ وَكُلُّ مَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَحَلُّ عَدَمِ إفَادَتِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقَيِّدْ فِي يَمِينِهِ، بِأَنْ يَقُولَ: فِي ظَنِّي أَوْ اعْتِقَادِي وَإِلَّا نَفَعَهُ حَتَّى فِي الطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ: [وَلَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ] : أَيْ مَا لَمْ يُقَيِّدْ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَنْفَعُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ] : أَيْ غَيْرِ النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِفَادَةُ الْمَشِيئَةِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ.
حَاصِلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ غَمُوسًا، وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ، وَتَسْمِيَةُ الْمَشِيئَةِ اسْتِثْنَاءً حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ شَرْطٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ.
قَوْلُهُ: [أَيْ حَلُّ الْيَمِينِ] : وَاخْتَلَفَ هَلْ مَعْنَى حَلِّهَا لِلْيَمِينِ جَعْلُهَا كَالْعَدَمِ أَوْ رَفْعُ الْكَفَّارَةِ؟ وَعَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ وَكَانَ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَيَحْنَثُ عَلَى الثَّانِي مَا لَمْ يَقْصِدْ لَمْ أَحْلِفْ يَمِينًا أَحْنَثُ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا أَوْ يَقْصِدُ لَمْ أَتَلَفَّظْ بِصِيغَةِ يَمِينٍ أَصْلًا فَيَحْنَثُ بِاتِّفَاقٍ، بَلْ يَكُونُ غَمُوسًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute