للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَأَضْرِبَنَّهُ كَذَا) أَيْ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ وَضَرَبَهُ بِالْعَشَرَةِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَبَرُّ وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّرْبَ بِهَا مَجْمُوعَةً لَا يُؤْلِمُهُ كَالْمُفَرَّقَةِ.

(وَ) حَنِثَ (بِفِرَارِ الْغَرِيمِ) مِنْهُ (فِي) حَلِفِهِ لِغَرِيمِهِ: (لَا فَارَقْتُك) أَيُّهَا الْغَرِيمُ (أَوْ لَا فَارَقْتنِي حَتَّى يَقْضِيَنِي حَقِّي) فَفَرَّ مِنْهُ، (وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ) بِأَنْ انْفَلَتَ مِنْهُ كُرْهًا عَلَيْهِ (أَوْ) أَنَّ الْغَرِيمَ (أَحَالَهُ) : أَيْ أَحَالَ الْحَالِفَ عَلَى مَدِينٍ لَهُ فَرَضِيَ الْحَالِفُ بِالْحَوَالَةِ وَتَرَكَ سَبِيلَهُ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى: إلَّا أَنْ تَقْضِيَنِي بِنَفْسِك، إلَّا لِنِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ.

(وَ) حَنِثَ (بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ (مَيِّتًا) ، (أَوْ) دَخَلَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الصاوي]

اعْتِصَارُهَا. وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْحِنْثَ بِدَابَّةِ وَلَدِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ اعْتِصَارُهَا لِتَحَقُّقِ الْمِنَّةِ بِهَا فَتَأَمَّلْ، لَكِنْ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي دَابَّةِ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا.

قَوْلُهُ: [وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَبَرُّ] : أَيْ أَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ حِنْثٍ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْفِعْلِ لَا بِالتَّرْكِ، وَلَا يَحْتَسِبُ بِالضَّرْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ جَمِيعِهَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا إيلَامٌ كَالْمُنْفَرِدَةِ، وَإِلَّا حُسِبَتْ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ الْآخَرِ فِيمَا عَدَا مَحَلِّ مَسْكَنِهِ، وَيَحْصُلُ بِكُلِّ إيلَامٍ مُنْفَرِدٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَحْتَسِبُ بِذَلِكَ فَلَوْ ضَرَبَهُ الْعَدَدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَمِائَةِ سَوْطٍ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ خَمْسِينَ ضَرْبَةً، فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ (اهـ.) .

قَوْلُهُ: [وَحَنِثَ بِفِرَارِ الْغَرِيمِ] : لَا يُقَالُ الْفِرَارُ إكْرَاهٌ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ صِيغَةُ بِرٍّ؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفِرَارَ إكْرَاهٌ، سَلَّمْنَا أَنَّهُ إكْرَاهٌ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ بِرٍّ، بَلْ صِيغَةُ حِنْثٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَأُلْزِمَنك - اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (اهـ. بْن مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .

قَوْلُهُ: [أَوْ أَنَّ الْغَرِيمَ أَحَالَهُ] : أَيْ فَبِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ يَحْنَثُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ مِنْ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُفَارَقَةِ، وَلَوْ قَبَضَ الْحَقَّ بِحَضْرَةِ الْغَرِيمِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحِنْثِ بِالْحَوَالَةِ خِلَافُ عُرْفِ مِصْرَ الْآنَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ.

قَوْلُهُ: [فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا] : أَيْ قَبْلَ الدَّفْنِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتًا دُفِنَ فِيهِ فَلَا حِنْثَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>