للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَنْتَقِلْ فِيهِ، وَجَازَ لَهُ الْعَوْدُ بَعْدَ الِانْتِقَالِ لَكِنْ بَعْدَ مُدَّةٍ أَقَلُّهَا نِصْفُ شَهْرٍ، وَنُدِبَ لَهُ كَمَالِهِ وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ إذَا أَبْقَى مَا لَهُ بَالٌ لَا كَمِسْمَارٍ.

(وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ (بِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الدَّيْنِ) الَّذِي وَفَّاهُ لِغَرِيمِهِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَأَوْلَى اسْتِحْقَاقُ الْكُلِّ (أَوْ ظُهُورِ عَيْبِهِ) : أَيْ الدَّيْنِ (بَعْدَ) مُضِيِّ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [لَكِنْ بَعْدَ مُدَّةٍ] إلَخْ: أَيْ مَا لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَتُعْتَبَرُ.

تَنْبِيهٌ:

مَنْ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا كَفَى فِي بَرِّهِ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَا عَلَيْهَا، بِحَيْثُ يَزُولُ عَنْهُمَا اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا وَلَوْ بِضَرْبِ جِدَارٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَثِيقًا بَلْ يَكْفِي وَلَوْ جَرِيدًا وَيَحْنَثُ بِالزِّيَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ التَّنَحِّيَ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ أُمُورُ الْعِيَالِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُكْثِرَ الزِّيَارَةَ أَوْ يَبِيتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، بَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْمُسَاكَنَةِ وَكَانَا بِحَارَةٍ أَوْ بِحَارَتَيْنِ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِحَارَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا سَاكَنَهُ أَوْ فِي هَذِهِ الْحَارَّةِ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا سَاكَنَهُ بِبَلْدَةٍ، أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ، فَيَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ لِبَلَدٍ لَا يَلْزَمُ أَهْلَهَا السَّعْيُ لِجُمُعَةِ الْأُخْرَى، بِأَنْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ عَلَى كَفَرْسَخٍ. وَإِنْ حَلَفَ لَأُسَاكِنُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا بِحَارَتَيْنِ لَزِمَهُ الِانْتِقَالُ لِبَلَدٍ آخَرَ عَلَى كَفَرْسَخٍ إنْ صَغُرَتْ الْبَلَدُ الَّتِي هُمَا بِهَا. وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا فَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ وَيَلْزَمُهُ الْمُبَاعَدَةُ عَنْهُ، وَعَدَمُ سُكْنَاهُ مَعَهُ فَإِنْ سَكَنَ مَعَهُ حَنِثَ كَذَا قِيلَ وَاَلَّذِي فِي (ح) عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ انْتِقَالُهُ لِقَرْيَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ كَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ. وَمَنْ حَلَفَ لَأُسَافِرَن فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ حَمْلًا عَلَى الْقَصْدِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ، وَلَزِمَهُ مُكْثٌ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ خَارِجًا عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ نِصْفَ شَهْرٍ فَلَا يَرْجِعُ لِمَكَانٍ دُونَ الْمَسَافَةِ قَبْلَهُ وَيَنْدُبُ لَهُ كَمَالُ الشَّهْرِ.

قَوْلُهُ: [بِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الدَّيْنِ] إلَخْ: أَيْ وَقَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَالِاسْتِحْقَاقُ مِثْلُ ظُهُورِ الْعَيْبِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ صَاحِبُهُ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِاسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي يَفِي بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ فِي حَقِّهِ إلَّا بِالْكُلِّ، فَلَمَّا ذَهَبَ الْبَعْضُ انْتَقَضَ الرِّضَا، وَظَاهِرُهُ وَأَيْضًا الْحِنْثُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحَقُّ أَخَذَ رَبُّ الْحَقِّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمَقْضِيَّ بِهِ الدَّيْنُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ ذِمَّةِ الدَّافِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>