(وَمَذْيٌ بِلَذَّةٍ مَعَ غَسْلِ كُلِّ ذَكَرِهِ بِنِيَّةٍ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا، وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْبَعْضِ قَوْلَانِ، وَوَجَبَ غَسْلُهُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ) : يَعْنِي وَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ أَيْضًا فِي مَذْيٍ خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بِنَظَرٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ لِزَوْجَةٍ مَثَلًا أَوْ لِتَذَكُّرٍ، مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ جَمِيعِ الذَّكَرِ بِنِيَّةِ طَهَارَتِهِ مِنْ الْحَدَثِ، أَوْ رَفْعِ حَدَثِهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ بِخُرُوجِ الْمَذْيِ. وَهَذِهِ النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَلِذَا لَوْ تَرَكَهَا وَغَسَلَ ذَكَرَهُ بِلَا نِيَّةٍ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عَلَى الرَّاجِحِ. وَأَمَّا غَسْلُ جَمِيعِ الذَّكَرِ فَقِيلَ: وَاجِبٌ شَرْطًا؛ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ بَعْضِهِ - وَلَوْ مَعَ نِيَّةٍ - وَصَلَّى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَقِيلَ: وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ. فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِغَسْلِ الْبَعْضِ وَلَوْ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ فَقَطْ بِنِيَّةٍ أَوْ لَا. وَلَمْ يُرَجِّحُوا وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ، فَلِذَا قُلْنَا: (قَوْلَانِ) وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ وَاجِبٌ. وَقَوْلُنَا: (بِلَذَّةٍ) قَيْدٌ زِدْنَاهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ لَكَفَى فِيهِ الْحَجَرُ مَا لَمْ يَكُنْ سَلَسًا يُلَازِمُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ حَجَرٌ وَلَا غَيْرُهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَعَ غَسْلِ كُلِّ ذَكَرِهِ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ. قِيلَ: إنَّهُ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ الْمَادَّةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ. وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَتَفَرَّعُ خِلَافٌ: هَلْ الْوَاجِبُ غَسْلُ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ؟ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي. وَيَتَفَرَّعُ أَيْضًا: هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِهِ أَوْ لَا؟ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ، تَجِبُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ، لَا تَجِبُ. وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا. ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ إذَا غَسَلَهُ كُلَّهُ بِلَا نِيَّةٍ وَصَلَّى، هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ النِّيَّةُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ. وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ. لِأَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ. وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا، وَأَنَّ الْغَسْلَ مُعَلَّلٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ لَوْ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَصَلَّى، هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ؟ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ إنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ بَعْضِهِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَهَلْ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهَا؟ قَوْلَانِ. هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ (انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [رَفْعِ حَدَثِهِ] : أَيْ الذَّكَرِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا عُفِيَ عَنْهُ] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute