للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هَدْيٍ) بِلَفْظِهِ أَوْ بَدَنَةٍ بِلَفْظِهَا (لِغَيْرِ مَكَّةَ) كَالْمَدِينَةِ وَقَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا ذَبْحُهُ بِمَحِلِّهِ؛ لِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ لِغَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ مَعَالِمِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ.

فَلَوْ نَذَرَ حَيَوَانًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةِ هَدْيٍ وَلَا بَدَنَةٍ لِنَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ فَلَا يَبْعَثُهُ وَلْيَذْبَحْهُ بِمَوْضِعِهِ. وَلَوْ نَذَرَ جِنْسَ مَا لَا يُهْدَى كَالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ بِذَلِكَ الْمَحِلِّ لَزِمَ بَعْثُهُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ.

(أَوْ) نَذْرِ (مَالِ فُلَانٍ) فَلَا يَلْزَمُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ: إنْ مَلَكْتُهُ) ، فَإِنْ

ــ

[حاشية الصاوي]

أَرَادَ صَرْفَهُ فِي كِسْوَتِهَا وَطِيبِهَا لَزِمَهُ ثُلُثُ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ، فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَيْثُ شَاءَ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان، وَأَمَّا إذَا قُيِّدَ بِأَنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا وَفِي بَلَدِ كَذَا فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ مَثَلًا، أَوْ صَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاء أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، فَقَوْلَانِ. قِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يَسْتَفِيدُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ هَذَا الْبَلَدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْقِيَاسُ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّوَابُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ يَمِينًا، فَإِنْ كَانَتْ نَذْرًا بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدُ، وَهَذَا مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَدْفُوعَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ كَ لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ عَلَى فُلَانٍ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ إنْ فَعَلْت فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ لَا، كَانَتْ الصِّيغَةُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .

قَوْلُهُ: [مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا سَوْقُ الْهَدَايَا لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ، جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّ إطْعَامَ الْمَسَاكِينِ بِأَيِّ بَلَدٍ طَاعَةٌ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ.

قَوْلُهُ: [فَلَا يَبْعَثُهُ وَلْيَذْبَحْهُ بِمَوْضِعِهِ] : وَأَمَّا نَحْوُ الشَّمْعِ لِلْأَوْلِيَاءِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الِاسْتِصْبَاحُ لِمَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ نَذْرُ كِسْوَةِ الْقُبُورِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>