للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُرِفَتِ الْجِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانُوا أَشْرَافَ الْجِنِّ بِنَصِيبِينَ. وَأَخْرَجَ البخاري ومسلم وغير هما عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ مَنْ آذن النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ قَالَ: آذَنَتْهُ بِهِمْ شَجَرَةٌ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ صَحِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم منكم أحد لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْنَا: اغْتِيلَ، اسْتُطِيرَ «١» مَا فَعَلَ؟ قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَأَتَيْتُهُمْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ» فَانْطَلَقَ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ. وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِالْحَمْلِ عَلَى قصتين وقعت منه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مَعَ الْجِنِّ حَضَرَ إِحْدَاهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُخْرَى. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَنَّ الْجِنَّ بَعْدَ هَذَا وَفَدَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَأَخَذُوا عَنْهُ الشَّرَائِعَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ أُمِرُوا بِالْقِتَالِ حَتَّى مَضَوْا عَلَى ذَلِكَ: نُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَمُوسَى وَدَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ كَانُوا ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ صَائِمًا ثُمَّ طَوَى، ثُمَّ ظَلَّ صَائِمًا ثُمَّ طَوَى، ثُمَّ ظَلَّ صَائِمًا قَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ الدَّيْنَ لَا يَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَكْرُوهِهَا وَالصَّبْرِ عَنْ مَحْبُوبِهَا، ثُمَّ لَمْ يَرْضَ مِنِّي إِلَّا أَنْ يُكَلِّفَنِي مَا كلّفهم، فقال: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَصْبِرَنَّ كَمَا صبروا جهدي، ولا قوّة إلا بالله» .


(١) . «استطير» : طارت به الجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>