أخته من نوروز وزوّجها لمقبل، فقصده نوروز فقتله في المعركة وقتل أَلطنبغا شقل، وجرح بكتمر فمات من جراحته بعد ذلك بأَيَّام.
ووقعت في الناصر جراحة فانهزم راجعًا إلى دمشق، فأَشار عليه بعضُ من ينصحه أَن يستمر متوجها إلى القاهرة فامتنع لما أَراد الله من هلاكه، وتوجّه إلى دمشق فأَدركه الليل في بيتِ تركمانيٍّ فعرفه فأَنزله عنده، وكان معه حينئذ ثلاثة أَنفس فأَقام في الليل يسيرًا حتى استراح، ثم قدّم له التركماني حِجرة - وكان فرسه قد أَعْبي - فركبها ووعده بمالٍ وإقطاع، وتوجّه إلى دمشق فتحصّن بالقلعة واحتاط الأُمراءُ بالخليفة والقضاةِ وكاتب السرِّ وناظر الجيش وبجميع ما كان مع النّاصر من المال والخيل مما لم ينزله، فانتقل الأُمراءُ من الخوف إلى الأَمن ومن الذل إلى العزّ، وتقدّم شهاب الدين الأَذرعي - إمام النائب شيخ - وهو ابن أَخي الشيخ بدر الدين بن قاضي أَذرعات فصلَّى بالقوم المغرب فقرأَ (١) ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ﴾ الآية، فوقعت الموقعَ لمناسبة الحال، وأَصبح الأُمراءُ ورأْسُهم شيخ ونوروز فاشتوروا فيما يفعلون، وكان كاتب السرّ فتح الله قد خاف من الناصر فأَشار عليهما أَن يكتبا إلى القاهرة بما اتَّفق ويأْمرا بحفظ القلعة والبلد، ويكتب الخليفة بمثل ذلك.
وتوجّه قجقار الفردي بذلك فوصل آخر الشهر، ورحل الأُمراءُ إلى دمشق فوصلوا إليها في نصف المحرّم.
وكان الناصر قدم في تلك الليلة وطلع القلعة واستدْعى القضاة والأَعيان ورغَّبهم فيما لديه، ووعدهم بالعدْل والجميل فمالوا معه وشجّعوه، فتلاحق به العسكر شيئًا بعد شيء، ووجد تغرى بردى نائب الشام قد مات في ذلك اليوم فقرر عوضه دمرداش، وأَخذ في الاستعداد وإخراج الأَموال والسلاح، فاجتمع له جمع كثير وأَنفق فيهم وقواهم بالمدافع والمكاحل ورَفْع الجسور عن الخنادق، وأَمر القضاة أَن يركبوا مع القاضي جلال الدين البلقيني وكان قد تقدّم