للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَنه خلق فأَرّخه الشيخ شهاب الدين بن حجّى - رفيقه - في تلك السنة وقال في ترجمته: "المشاغل في الفقه عند أَبيه، وفى الفرائض وفى العربية عند [أَبي العبّاس] العنابي فبرع فيها، وسمع الكثير بدمشق ومصر، وقرأَ بنفسه قراءة صحيحة، وكان صحيح الذهن، جيّدَ الفهم، حسنَ التدريس إلَّا أَنه كان شرها في طلب الوظائف كثيرَ المخالطة للدولة، شديد الجرأَة والإقبال على التحصيل". انتهى.

* * *

ثم ضَرب (١) على ترجمته وأَرّخه على الصحة في هذه السنة، وقال: "غزل غير مرة وامتُحن مرارًا وفى كل مرة يبلغ الهلاكَ ثم ينجو، وقد تغيّر بآخره لمما جرى عليه من المحن، وكان يحبّ ولده فيرميه (٢) في المهالك ومقَتَه الناس بسببه ولا يبالي بهم".

قلتُ: وأخبرني الشيخ نور (٣) الدين الأَنبارى أَنه عذله - لمّا دخل القاهرة - في ولده فقال: "يا أَخى الناس يحصلونه لأَنه أعرف منهم بالتحصيل"، قال: "فعرفتُ أَنه لا يفيد فيه العقاب".

وقال القاضي تقي الدين الشهبي: "جرت له مع ابن جماعة فتنة وأوذي أذىً كبيرًا ثم نجا".

قلتُ: وكان شيخنا البلقيني يحبّه ويعظّمه ويشهد له أَنه أحفظ أَهل دمشق للحديث، وقد اجتمعت (٤) به في دمشق فأَكرمني وأَعارنى كتبه وأجزاءه التي كان يضنّ بها على غيرى، ثم قدم القاهرة بعد الكائنة فأَعطيْتُه جملةً من الأجزاء، وشهد لي بالحفظ في عنوان "تعليل التعليق"، وسمعت منه بدمشق قليلًا، وكان قد شرع في تفسيرٍ كبير أكمَلَ منه كثيرًا - وعليه فيه مآخد - ثم قدم في الكائنة، رحمه الله تعالى. وكان عنده كرمٌ مفرطٌ قد يُفضي إلى الإسراف وفيه شجاعةٌ وإقدام (٥). مات في شهر ربيع الآخر.


(١) المقصود بذالك شباب الدين بن حجر المؤرخ.
(٢) المقصود بذلك صاحب الترجمة.
(٣) في ز "تقي الدين" وهو خطأ.
(٤) الضمير هنا عائد على ابن حجر نفسه.
(٥) في ش بعدها "وعليه فيه مآخذ". لكن راجع السطر السبق.