وتصوف، وناب في الحكم بالناصرة فتخرج به أخوه أحمد، وحفظ المنهاج ولازم الاشتغال وكان قوي الذكاء، عرض محفوظاته على تاج الدين السبكي وابن خطيب يبرود وابن قاضي الزبداني وابن قاضي شهبة وغيرهم وأخذ عنهم وانتفع بهم، وأخذ النحو عن العنابي وأجاز له، وكان مولده في سنة إحدى وخمسين تقريباً، واشتغل بالفقه وسمع الحديث، وكان ذكياً فطنا فقال الشعر وكتب الخط الجيد، ثم وقعت له كائنة مع أهل صفد لكونه مدح منطاش وغض من برقوق، فخرج منها خائفاً يترقب حتى قدم القاهرة ونزل بخانقاه سعيد السعداء، وكان السالمي يعرفه من صفد فنوه به عند الظاهر حتى أحضره عنده وقربه، وعامله معاملة أهل الصلاح، وولاه خطابه جامع دمشق، وولاه القضاء بدمشق في ذي الحجة، وباشر بحرمة وافرة، وكان عريض الدعوى كثير المنامات التي يشهد سامعها بأنها باطلة، ثم عزل وحصلت له إهانة فسجن، ثم أطلق ولزم داره، ثم ولي خطابة بيت المقدس، ثم ولاه الناصر قضاء دمشق سنة اثنتي عشرة فباشره مباشرة - حسنة بعفة ونزاهة ومداراة وحرمة، وعزل بقيت معه وظائف فاستمر فيها، ونظم كتاباً في التفسير، وهو الذي أثبت المحضر المكتتب على الناصر بالعظائم الشنيعة، ثم لما توجه المستعين إلى القاهرة أقام الباعوني بدمشق إلى أن مات، وكان طوالا مهاباً فصيح العبارة جميل المحاضرة حسن المذاكرة سريع الدمعة جداً مقتدراً على ذلك حتى حكى لي من شاهده يبكي بعين واحدة، وكان عفيفاً نزهاً لا يحابى ولا يداهن ولا يعاب إلا بالإعجاب والتزيد في الكلام والمنامات، ثم كان ممن قام في خلع الناصر فولاه المستعين قضاء الديار المصرية، ثم صرف بعد استقرار الأمر من غير أن يباشره لم يرسل إلى القاهرة نائباً، ثم ولي خطابة الجامع بدمشق ثم صرف، وقد اجتمعت به ببيت المقدس،