للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجمع مالًا يفرقه على العساكر ويترك الذي عنده عاقبة ولو أَن الذي يجمعه يكون قرضا، فبلغ ذلك الهروى فقال لأَحمد الجنكي: "لو أَراد السلطان أَن أُجهز له عشرة آلاف نفس من غير أَن يخرج من خزانته دينارا ولا درهما، ومن غير أَن أَظلم أَحدًا من الرعايا فأَنا أَقدر على ذلك" فسئل عن الكيفية فقال: "يسلم لي ستة أَنفس: ولدَىْ ابن الكويز، وابن البارزي، وعبد الباسط، وابن نصر الله، وابن أَبي الفرج" فبلَّغ ذلك أَحمد الجنكي للسلطان فبثّها في خواصه فبلغت المذكورين، فاتفقت كلمتهم على نكبة الهروى ونسبته إلى كلّ بلية، وأَنه لم يكن قط عالما ولا ينسبونه لعلم ولا ولى القضاءَ قط، وما وظيفته إلا استخلاص المال وسدّ الديون ونحو ذلك، وبالغوا في تقرير ذلك في ذهن السلطان، واستعان كل واحد منهم بفريقٍ وأَعانوه على ذلك حتى سقط من عين السلطان، وذكر لهم السلطان بأَنه كان قال له وهو متوجه إلى قتال قَنْبَاى: "إن أَردت المال فخذه من ابن المزلق وابن مبارك شاه" وسَمّى غيرهما من المنسوبين إِلى المال من أَهل دمشق، فأَكّد ذلك عند السلطان تصديق ما ينسب إليه من حُبّه للظلم، و كان ذلك سببا في اطراحه.

* * *

وفى حال دخول قرا يوسف البلاد الحلبية فر منه كثير من التركمان الأَوشرية ونزلوا على صافيثا من عمل طرابلس، فأَفسدوا في تلك البلاد على عادتهم، فأَرسل إليهم برسباي نائبَ طرابلس ينهاهم عن الفساد، ثم صحَّت الأَخبار برحيل قرا يوسف فراسله برسباي في الرحيل إلى بلادهم فأَجابوا إِلى ذلك وتجهزوا، فكبس عليهم على غِرّة منهم في أَواخر شعبان فقتل منهم مقتلةً عظيمة قتل فيها ثلاثة عشر نفسا من عسكر طرابلس، منهم: سودون الأَسَنْدُمُرى، وانهزم برسباي، وقد أَفحش التركمان في سلب الطرابلسيين حتى رجعوا عراة. فلما بلغ السلطان ذلك غضب وأَمر باعتقال برسباي بقلعة المرقب ثم أَفرج عنه بسعي ططر - وكان من إِخوته - ونقله إِلى دمشق، ثم أَعطاه تقدمةً بها فاستمر فيها إِلى أَن كانت عاقبة أَمره أَن تولَّى السلطنة بعد هذا واستبد بالأَمر كله بعد ثلاث سنين، وجهز سودون القاضي إِلى طرابلس أَميرًا عليها عوضا عنه فسافر في شوال،