للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعاد واشتهر، ثم أصيب بماله وكتبه بعد الفتنة اللنكية، وناب في القضاء وعين مرة مستقلاً فلم يتم ذلك، وولي إفتاء دار العدل واختصر المهمات ودرس بأماكن وأقبل على الحديث، ولم يبق بالشام في أواخر عمره له من يقاربه في رئاسة الفقه للشافعة إلا ابني نشوان، وهو من أناءه الباعوني في ولايته القضاء الأولى، فلم يزل بعد ذلك في ارتفاع، وكان يرجع إلى دين وعفة من صغره مع علو همة ومروءة ومساعدة لمن يقصده مع عجلة فيه مع عفة في القضاء وحسن عقيدة وسلامة باطن، فكان صديقنا المرجاني يقرظه ويفرط فيه، وجاور في آخر أمره بمكة فمات بها مبطوناً في شوال وله اثنتان وستون سنة، كتب على الحاوي وجمع الجوامع واختصر المهمات اختصاراً حسناً وأجاز لولدي محمد، وبلغني أن صديقه محمد نجم الدين المرجاني صاحبنا رآه في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ فتلا عليه " يليت قوى يعلمون بما غفر لي " الآية، قال القاضي تقي الدين الأسدي: جرت له محنة سنة خمس وتسعين، وحج وجاور ثلاث مرات، وناب في الحكم بعد الفتنة، واستمر وباشر المارستان والجامع فانحط بسبب ذلك، وكان فصيحاً ذكياً جرياً مقداماً، بديهته أحسن من رويته وطريقته جميلة، باشر الحكم على أحسن وجه.

أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد، المطري المدني، سمع من العز ابن جماعة، وعني بالعلم. وكان يذاكر بأشياء حسنة، ثم تزهد ودخل اليمن فأقام بها نحواً من عشرة أعوام، وكان ينسب إلى معاناة الكيمياء، مات في أول ذي الحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>