للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وستين وسبعمائة تقريبًا واشتغل بالفقه قليلًا واشتغل في الحساب والفرائض والأَدب، ثم أَحبّ الحديث فسمع بنفسه قبل التسعين من غرس الدين المليجي وصلاح الدين البلبيسي وصلاح الدين الزفتاوى وأَبى الفرج بن العزى ونحوهم من الشيوخ المصريين، ثم حجَّ سنة خمس وتسعين وجاور فسمع بمكة من شيوخها، ثم قدم دمشق أَول سنة سبع وتسعين ليسمع من شيخنا بالإجازة ومن أَبي هريرة بن الذهبي، وكان قد أَجاز له جماعة وليس عنده إذ ذاك أَشهر من أَبي هريرة، فلما وصل إِلى دمشق لقى بها شيخنا بالإِجازة شهاب الدين بن العز فأَكثر عنه وأَخذ عن ابن الذهبي، وسمع الكثير من حديث السِّلفي بالسّماع المتَّصل وبالإِجازة الواحدة، ثم قدم (١) سنة ثمانٍ وتسعين فلازمنا في في الأَسمعة، وسافر صحبتى إلى مكة في البحر فجاور بها، ثم رحل إلى دمشق مرة ثانية فأَقام بها، ورافقني في السماع في سنة اثنتين وثمانى مائة بدمشق ورجع معى إِلى القاهرة، ثم حجَّ في سنة أَربع وجاور سنة خمس فلقيتُه في آخرها مستمرًا على ما أَعهده من الخير والعبادة والتخريج والإِفادة وحُسْن الخلق وخدمة الأَصحاب، واستمر مجاورًا من تلك السنة إلى أَن خرج إِلى المدينة ثم توجّه في ركْب العراق، ثم ركب البحر إلى كنباية من بلاد الهند ثم رجع إلى هرمز، ثم جال في بلاد المشرق فدخل هراة وسمرقند وغيرهما، وصار يرسل كتبه إلى مكة بالشوق إليها وإلى أَهله.

وقد خرّج لشيخنا مجد الدين الحنفى مشيخة، ولشيخنا جمال الدين بن ظهيرة معجمًا، وخرّج لنفسه "المتباينات" فبلغت مائة حديث، وخرّج أَحاديث الفقهاء الشافعية، ونظم الشعر الوسط ثم جاد شعره في الغربة وطارحنى مرارًا بعدّة مقاطيع، ثم بلغنى أَنَّه مات في أَول سنة إِحدى وعشرين بيزد (٢) وكان خرج من الحمام فمات فجأَةً، وأَرّخه الشريف الفاسي في سنة عشرين (٣)، والله أَعلم.


(١) يعني قدم القاهرة.
(٢) هي من مدن إقليم فارس، وكانت بعد الفتح المغولى من إقليم الجبال ثم صارت جزء من كرمان، وكانت تعرف في القديم باسم كثه بفتح الكاف والثاء، وذكر ابن حوقل أن بها حصنًا له بابان من الحديد، كما أن القزويني أشار إلى كثرة من بها من صناع الحرير السندس، وتشتهر إلى جانب ذلك بالثياب القطنية، راجع لسترانج: بلدان الخلافة الشرقية، ص ٨٣ و ٣٢١ و ٣٣١.
(٣) تردد المقريزى في أي السنتين مات أفي سنة ٨٢٠ أم في سنة ٨٢١.