وتأمر على الحاج سنة مات الظاهر سنة إحدى وثمانون، ثم لم يزل في ارتقاء إلى أن ولي نيابة الشام، وجرت له من الخطوب والحروب ما مضى مفصلاً في الحوادث، وكانت مدة كونه في السلطنة ثماني سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام، وأقام في الملك عشرين سنة ما بين نائب ومتغلب وأتابك وسلطان، وكان شهماً شجاعاً عالي الهمة كثير الرجوع إلى الحق محباً في العدل متواضعاً، يعظم العلماء ويكرمهم، ويحسن إلى أصحابه ويصفح عن جرائمهم، يحب الهزل والمجون لكن مستتراً، ومحاسنه جمة - والله يتجاوز عنه يمنه وكرمه! قال العيني في تاريخه: هو من طائفة من الجراكسة يقال لهم: كرموك، ويقال إنه من ذرية إينال بن أركماس بن شرباش ابن طنجا ابن جرباش بن كرموك، وكان كرموك كبير طائفته وكذلك نسله، ولما مات كان في الخزانة ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار من الذهب على ما قيل، فلم تمض السنة وفيها دينار واحد.
ططر بن عبد الله الظاهري كان من مماليك الظاهر ثم كان في خدمة ابنه الناصر إلى أن أخرج إلى البلاد الحلبية بسبب جكم، فلما رجع الناصر إلى مصر استمر ططر مع جكم، ثم لما قتل جكم استقر أميراً بحلب وتمريغا المشطوب يومئذ النائب بحلب، فاستمر فيها مدة طويلة وهو في أثناء ذلك ينتمي لنوروز إلى أن وقع بين شيخ ونوروز وانكس نوروز استمر مع المؤيد، فلما اقتسما البلاد بعد قتل الناصر قدم مصر مع المؤيد، واستمر في خدمته إلى أن تسلطن وحاصره مع النوروزية وهو يظهر خدمة المؤيد ويداريه ويبالغ في ذلك إلى أن أمره طبلخاناة ثم أمره تقدمة، ثم لما توجه لقتال قانباي استنابه بالإصطبل، ثم لما مات المؤيد استقر نظام الملك وخرج بالعساكر إلى الشام، ثم تسلطن بعد أن رجع من حلب وقدم مصر، فلم تطل مدته كما مضى في الحوادث، وكان يحب العلماء ويعظمهم مع حسن الخلق والمكارم الزائدة والعطاء الواسع. ذكر