وفيها نازل أصبهانُ بن قرا يوسف صاحبُ بغداد الموصلَ فراسل صاحبها وسأل قرايلك فأَمدّه بولده محمود في مائتي فارس فأنزله عنده كالمسجونين، وراسل محمود أَباه فأَمدّه بأخيه محمد بن قرايلك في ألف نفس، فنزل على الموصل ولم يمكن من رؤية أخيه، وكان قَرَايُلُك برأَس العين، فتوجه على نصّيبين، فبلغه أن إسكندر بن قرا يوسف قصد محاربته بعد فراره من شاه رخ ملك المشرق.
* * *
وفي التاسع عشر من جمادى الآخرة سافر تغرى برمش أمير آخور إلى الصّعيد في تجمّل كبيرٍ، ونزل معه غالب الأُمراء فودّعوه، ووقع له مع عرب الصعيد وقعةٌ قُتل فيها من أَصحابه جماعة وبعث يَطْلب نجدة، فأُمر تمراز رأْس نوبة بالتوجّه إليه، وأُمر كل أَمير مقدمٍ أن يُرْسل معه عشرين مملوكًا ويكمل له من غير المقدمين ثلاثمائة، وسافر في سابع جمادى الآخرة.
وفى أَول شعبان أمر السلطانُ القاضي الشافعي إذا حضر المجلس لسماع الحديث أن يحضر صحبته فلقة (١) وعصا، ومن تعدى فى كلامه أو أَساء الأَدب أُدِّب، وأكد في ذلك.
وفي رمضان أمر السلطان بترك أكثر الخلع التي قُرِّرت لمن يحضر سماع الحديث ثم شفع فيهم، وقيل له لو كان هذا قبل أن يحضروا فإن كان ولابد وقد قضوا المدة كلها يصرف هذا العام ثم يعلمون ويقطعون فيما يستقبل، فأَمر بالصرف لهم.
* * *
وفي أواخر رمضان حضر عند السلطان شريفٌ من الشام ومعه أوراق بخط الشيخ علاء الدين البخارى فيما يتعلق بالنسيمى وشيخه فضل الله، وأَنَّ بالشام ومصر جماعةً على عقيدته، وأنه تصدّى لتتبّعهم وكَشْف عوراتهم، وأنه وجد بالقاهرة شخصًا منهم، فقُرِئ كتاب الشيخ علاء الدين فأَمر السلطان بإحضار الرجل وما في بيته من ورق ففعل ذلك، وهذه هي الطائفة المبتدعة المعروفة بالحَرّوفية ثم النسيمية، فلما كان في رابع شوال عُقد مجلسٌ
(١) جاء في هامش هـ بخط البقاعي: "الفلقة خشبة في طول ذراعين يكون في وسطها رزتان بينهما أكثر من شبر يوثق بهما حبل توضع فيه رجلا من يهان ويلوى عليهما من اثنين ثم يضرب. ولها أصل في اللغة نقلت منه".