القماش الإسكندرانى، وكان لكسرها في وسط البحر رجّة، واجتمع فيه خلق كثير، والسبب فيه أنه عثر عليه في بعض الحواصل بساحل بولاق فاستعان أُناس من الجند فهجموا على الذين عثروا عليهم فضربوهم فهربوا فحوّلوا جميع ذلك إلى مركب، وانحدروا بهم إلى قرب شبرا، فتوجه إليهم الوالى، فقبض عليهم فتمكنوا منهم وأَخذوا الجرار فرجعوا بها إلى الساحل فكسروها، وكان يومًا مشهودًا.
وفيها وقع بين جماعة من نواحى الزَّبداني فتنة، فقُتل خطيب الجامع وجماعةٌ (١) نحو الستة عشر نفسًا، واتُّهِم بذلك زين الدين بن صادر الأُستادار، فبلغ السلطانَ ذلك فأَرسل يستدعيه ويأمره أن يحضر معه بتقدمةٍ فبادر إلى الحضور، فلما وصل إلى قَطَيا جَهَّز السلطانُ عمرًا الوالى وأَمره أن يقتله حال اجتماعه به، فلاقاه إلى بلبيس فقتله وحمل رأْسه إلى السلطان، وهو عبد الرحمن بن محمد بن صادر، وَلِيَ الأُستادارية في المتاجر والجبايات السلطانية وكان أُستادار جقمق ودويدار الملك المؤيد بالقاهرة، وتنقَّلت به الأَحوال بعده إلى أَن مات عن نحو من سبعين سنة.
* * *
وفيه خرج عرب بني لام على المبشرين بالوجه فقتلوا منهم اثنين، وسلم المبشر وهو خجَا القُرْمُشى فدخل في الثامن والعشرين من ذى الحجة وليس معه شي من الكتب، وذكر أَنه نُهب لهم أَشياء كثيرة، وأَنه كان معه نفائس حصَلها فجاء مسلوبًا.
* * *
وفى يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة خرج شهاب الدين بن المحمرة على مشيخة الصلاحية بالقدس فصادف قدوم عز الدين القدسى فالتقيا بالخانقاة النَّاصرية، ودخل
(١) أمامها في هامش "بخط البقاعي: "كان المباشر لقتالهم إسماعيل بن يوسف البجدى [بكسر الباء والجيم وتشديد الدال المكسورة] الذى ولى تقدمة بلاد الزبداني بعد ذلك بتعصب بعض أركان الدولة له فاستمر إلى أن قتل في شعبان سنة أربع وستين وثمانمائة، وكان شكلا حسنًا وقامة معتدلة، وله عقل متين وصدق وأمانة ووفاء وثبات عندما يقول. وله من الشجاعة والإقدام ما تهابه به العقول، واتفق أنه يوم قتل لم يضرب ضربة ولا طعن طعنة بل لحقه إثنان ممن كان قتل أبويهما في هذا اليوم الذي ذكره شيخنا وهو هارب على فرسه، فقالا له: قف لمن يتمتهما من أبيهما؛ ثم لما وصلا إليه طعناه معًا فقتلاه، ثم جزا رأسه ورجعا إلى جماعتهما".