للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولازم الشيخ مجد الدين الشيرازى، وأخذ عنه النحو واللغة، وجاور معه بمكة وبالطائف. ومهر إلى أن صار مفتى تعزّ مع ابن الخياط، ومات بالطاعون أيضا.

٢٠ - عثمان بن قُطْلَبَك بن طُرْعَلى التركماني المعروف بَقَرايُلُك، كان أبوه من أمراء التركمان بديار بَكْر، وتأمّر هو بعده، وكان شجاعًا أهْوَج (١)، وله مع الترك والعرب وقائع، ولمّا طرق اللنكُ البلادَ انتمى إليه، ودخل في طاعته، فاستنابه في بلاده، وحضر معه فتح البلادِ الشامية، ثم وقعت له وقعة مع جكم [من عوض] لمّا ولى السلطنة بحلب فقُتل جكم في الوقعة وقوى قرايلك واستولى على ماردين وقتل صاحبها وهو آخر أهل بيته.

وكان بينه وبين حُدَيْثَة بن سيف بن فضل أمير العرب، وبين حُمَيْد بن نُغَير عداوة، فنصر قرايُلُك هذا فكبس حُديثة بالقرب من شَيْزَر، وكاتب الملكُ المُؤيّد قرا يوسف في الغارة على قرايلك، وسار المؤيّد من مصر، فلما بلغ ذلك قرايلك ترامى على المؤيد وانتمى له، فأرسل إلى قرا يوسف يَشْفَع فيه، فرجع عنه، ثم صار قرايُلُك يغير على بلاد قَرَا يوسف فحنق منه وكَبَسهُ ففرّ منه إلى حَلب، فتبعه فَجَفلَ أهلُ حَلَب من قرا يوسف وفرّوا على وجوههم إلى الشام. ثم إلى مصر، ثم كبس قرايُلُك على بَيْرَم النائب بأرزنكان (٢) فقتله، واتفقت وفاة قرا يوسف ثم المؤيد وغلب قرايُلُك على أرزنكان، وكانت له وقعة مع بَرسْبَاى - قبل أن يلى السلطنة، وبَرْسْبَاىُ يومئذ نائب طَرَابُلُس - انكسر فيها بَرْسبَاي، وبسبب هذه الوقعة غزا برسباي في سلطنته آمد.

وكانت له وقعةُ أخرى مع بُرْهَان الدين قاضى سيواس قُتِل فيها البرهان. واستمر قرايُلُك أمير آمد وملك ديار بكر. وشرع في إيواء مَن هَرب من السلطان الأشرف، فجهّز له عَسْكرًا في سنة ٣٢ فتوجهوا لجهة آمد فكبس هابيل بن قرايلك الرها -وهي في طاعة السلطان- فأخذها عنوة واستباحها، فوصل العسكر فأسروه، ثم جهز للقاهرة فاتفق موته بالطاعون سنة ٣٣، ثم غزا الملكُ الأشرفُ آمد فقرّ قرايُلُك واستمر الأشرفُ يحاصر آمد، واستمر قرايُلُك على حاله في نهب القوافل وقطع الطريق، ثم إن قرايلك جهّز من نَهب


(١) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي "الذي يذكر من وقائعه وجيله فيها يدل على انه ثابت عارف لا هوج فيه".
(٢) وقد يقال لها: ارزنجان، وإن غلب النطق بالرسم الأول وهو الرسم الذي اتخذه ياقوت في معجمه. وتقع ارزنكان في منطقة الفرات الأعلى، ويُجْمِع ياقوت وابن بطوطة والمستوفي على امتداحها من حيث كثرة الخيرات وطيب الهواء والمعروف أن أغلب أهلها من الأرمن، أما المسلمون الذين يعيشون فيها فيتكلمون التركية، وقد اهتم بها السلاجقة فجدد عمارتها السلطان علاء الدين كيقباذ السلجوقي في أخريات القرن الثالث عشر الميلادي.