للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم (١) يحتمل له ذلك، وأحاط به لما طلع إلى الخدمة، وأحاطوا بمنزله فقبضوا على والده وبعض حريمه، وصعدوا إلى القلعة ليقروا على أحواله، وفرّ غالبُ أتباعه، ومنهم: القائم بأموره شرف الدين بن البرهان، وقبض على بعضهم، وبرز فخر الدين التوريزي له ساعة القبض عليه فادّعى عليه أنه يستحق في ذمته ثلاثين ألف دينار فأنكر، فرُسم عليه، ويقال إنه ذكر له أنه كاتب نواب الشام الذين عصوا، فأنكروا ذلك، فعُوّق في قاعة الحوش السلطاني.

وفى يوم الجمعة جعل أربعة من أتباعه فى برج وهم: موسى بن البرهان كاتبه، وموفق الدين كاتب الجيش، وإبراهيم كاتب الباب وولد قاضي أذرعات (٢) ويقال له ضفدع (٣).

وجعل ولده في طبقة، والأستادار جانبك عند أستاذه، وأرغون دويداره معه، ثم طلب منهم المال، فقرر على موسى عشرة آلاف دينار، وعلَى موفّق الدين خمسة آلاف دينار، وأطلق إبراهيم الكاتب وضفدع بعد أيام، ثم أحضر الشريف حسن الاسكندراني من الاسكندرية بسبب أنه يتاجر لناظر الجيش فعُوّق فى البرج أيضا، ثم أطلق موسى وموفق الدين وسُلِّما لشهاب الدين بن العطار الدويدار، فشرعا في بذل المال، وشرع ناظر الجيش في بيْع موجوده، وباع على السلطان ما فى ملكه من الفلفل، وهو ألف حمل بأربعين ألف دينار، وحمل من النقد قريبا منها، وباع أشياء كثيرة من نفائسه.


(١) جاء في هامش هـ بخط البقاعي التعليق التالي: "ليس هذا سبب القبض عليه بل سببه أنه كان يبغضه قبل سلطنته لما كان عليه عبد الباسط من الجبروت والازدراء لعباد الله لاسيما مثل الظاهر فيما كان من التماوت وإظهار الصلاح والتواضع فكان لا يرفع به رأسا أصلا، فلما ولي السلطنة ما تركه إلى هذا الحد إلا ليتمكن وترسخ قدمه"، ويؤيد قول البقاعي قول أبي المحاسن في النجوم الزاهرة ١٥ ص ٣٢٧ إنه كان غير محب للناس حتى ولا لأصحابه لبادرة كانت فيه من سوء خلق وبطش، مع سفه وبذاءة لسان". كذلك ما أورده نفس المؤلف في المرجع ذاته ص ٥٥٤ س ١٢ مما قاله السلطان بحضرة أبي المحاسن نفسه من حرصه الشديد على الانتقام من عبد الباسط "والله اشنكله بشنكال مثل ما كان تعمل الجغتية، هذا اخرب مملكة مصر وكان إذا حكمه أحد من أعيان الأمراء صفر له بفمه في وجهه".
(٢) يذكر ابن جبير في رحلته، ص ٢٥١ أنها على بعد ست ساعات من منبج واذرعات هذه هي الواردة في سفر العدد ٢١/ ٣٣ باسم "اذرعى" إذ جاء فيه "خرج عوج ملك باشان للقائهم هو وجميع قومه إلى الحرب في أذرعى" وتعرف في المراجع الغربية باسم EDREI راجع عنها معجم البلدان والمقدسي أحسن التقاسيم ص ١٦٣، وانظر عنها أيضا: Le Strange op. cit. pp. ٣٩ - ٤٠،٣٨٣
(٣) علق البقاعي على اسمه في هامش هـ بقوله: "اسمه بدرالدين محمد. وضفدع لقب نبذه به عبد الباسط على عادته مع جميع جماعته".