حميد الدين المذكور في كائنة الكوراني، فإنه نقل عنه أنه سئل عن الحكمة في طواف النبي صلى الله عليه وسلم على النساء في ليلة واحدة، فأجاب بأنه فعل ذلك ليعفهن عن الزنا، فاستبشع هذا اللفظ وغضب السلطان وأمر بإحضاره، فوصل إليه البريدي فأغرمه مائتي دينار وتكلف شيئاً آخر حتى وصل وشفع له نائب الشام وجماعة أن يسلم على السلطان وكان أمر أن يكتب إلى الشام بكتابة الواقعة وأن كل من سمعها يكتب خطه بما سمع، فامتنع السلطان من الإذن له وصمم على أنه لا يأذن له إلا إذا عاد الجواب وظهرت براءة ساحته.
رجب الفرد الحرام - أوله السبت، في التاسع عشر منه عقد مجلس بحضرة السلطان وادعى حميد الدين النعماني على القاضي شمس الدين الصفدي محمد بن علي بن عمر قاضي الحنفية بدمشق أنه قال في مجلس من المجالس أنا ما اتقيد بمذهب أبي حنيفة بل أحكم تارة بمذهب الشافعي وتارة بمذهب مالك وتارة بمذهب أحمد، وأن علماء مذهبه أفتوا بأن هذا تلاعب وأن الحكم بذلك لا يصح، فأجاب بأنني ما أردت إلا أنني أتبع مقالة أبي يوسف تارة ومقالة محمد تارة وغيرهما من علماء المذهب؛ فقال المدعي: هذا الجواب لا يطابق الدعوى وانتصرت للصفدي وقلت له -: بل يطابق إذا أراد أن الرواية التي عن أبي يوسف توافق مذهب الشافعي مثلاً والرواية عن محمد توافق مذهب مالك مثلاً، فلا يلزم من ذلك أنه يخرج عن مذهب الحنفية، والقاضي الذي يوليه السلطان في هذه الأزمان على قاعدة ن تقدمه ومن تقدم كانوا منهم العالم المتأهل للترجيح وهذه طريقته وغيره المقلد الصرف، والصفدي المذكور من أهل العلم فلا ينكر عليه أن يعمل بما رجح عنده، وكثر اللغط إلى أن قال السلطان على طريق التنزل: لو ثبت عليه شيء ما كان يجب عليه أكثر من التعزير وقد عزز بإحضاره من دمشق إلى هنا؛ وانفصل المجلس على ذلك.
وفي العشر الوسط صرح السلطان بعزل الحمصي عن قضاء دمشق وعين الونائي،