وفى يوم الجمعة ثاني الشهر كُسِر الخليج الحاكمي، ونزل عثمان ولدُ السلطان على العادة وصُحْبَتُه الأمراء إلى المقياس، فركبوا معه وصحبتهم كاتب السر وبقية المباشرين، ولم تجر العادة بركوبهم، ونزل بعضهم إلى الحرّاقة من شباك المقياس، وامتنع شادّ الشر بخاناه قايِتْباي الجركسى من إنزال ابن السلطان من هناك بل عاد به والجماعة صحبته من البرّ، وأحدرت الحرّاقة إليه فركب إلى الخليج فكسر بحضرته، وركبوا معه إلى القلعة على العادة، وكل ذلك قبل صلاة الجمعة، وزاد أربعةً من سبعة عشر، وكان في العام الماضى فى هذا اليوم وافى تكملة الذراع السابع عشر.
واتّفق أن شعبان كان أوّله الثلاثاء بالعدد، فلمّا كان النصف منه ذكر بعض نوّاب الحكم بالجيزة أن اثنين شهدا عنده برؤيته ليلة الاثنين فثبت، وصام من أراد صيام النصف يوم الاثنين، ويسّر الله أن هلال رمضان رؤى ليلة الثلاثاء، وغاب قبل العشاء بثلث ساعة.
فلما كان أول يومٍ من رمضان شاع بين الناس أن إثنين من أهل قليوب رأيا هلال رمضان ليلة الثلاثاء، فاستنكر كل من سمع ذلك صحة هذا، ثم اجتهد القاضي الشافعي في تحرير هذا الخبر فأرسل عونًا من أعوانه إلى قليوب فأحضر الرجلين.
…
وفى ليلة الأحد رابع شوال - وهى ليلة التاسع من طُوبَة والخامس من كانون الثاني (١) أمطرت السماء مطرًا خفيفا، فدام بحيث أزلق الأرض، ثم عاد فى النهار، ثم عاد في ليلة الإثنين حتى صارت الأرض كالبرك، ثم عاد في صبيحة الاثنين، ثم كان في ليلة الثلاثاء، ثم عاد في صبيحة الثلاثاء، فتعطّلت معايش غالب الناس، وقلّ أن وقع مثل ذلك في هذه البلاد أن تمطر ثلاثة أيّام بلياليها.
…
(١) أعنى يناير سنة ١٤٤٦. أنظر التوفيقات الإلهامية ص ٤٣٥.