للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيها كانت بين تمرباي (١) -نائب حلب- وبين التركمان وقعة كبيرة كسروه فيها كسرةً شنيعة، وارتفعت رءُوس التركمان من يومئذٍ ومنعوا العداد. هذا من التاريخ.

وفيها ولى ناصر الدين أَحمد بن التنسى القضاءَ بالاسكندرية، وصُرف عز الدين بن الريغي وكان استقر بعد موت أَبيه، ثم صُرف [ابن التنسى] بعد قليل وعاد ابن الريغي، ثم صُرف وعاد ابن التنسى فى ذى الحجة منها، وصارا يتنازعان ذلك مدةً إلى أَن نُقل ابن التنسى إلى القضاءَ بالقاهرة كما سيأْتي.

وفيها جهز الأَشرفُ -صاحبُ اليمن- المحمل إلى مكة ومعه كسوةٌ للكعبة، فحال أَمير الركب المصرى بينهم وبين كسوة الكعبة، وكادت تقع الفتنة ثم خمدت بلطف الله تعالى وبعناية صاحب مكة، وحصل له بذلك من اليمنيين ما ذُكر.

وفيها حُمل إلى المرستان رجلٌ كان منقطعا بين النهرين في عريشٍ فمرض فبقى ملقًى على الطريق أَياما، فحمله بعضهم إلى المرستان فنزل فيه ثم مات فغُسّل وصلى عليه وحمل إلى المقبرة، فلما أُدخل القبر عطس فأُخرج ثم عوفى وعاش، وصار يحدث بما رأى وعاين، وكانت هذه كائنةً غريبة بدمشق في جمادى الآخرة.

وفى السادس عشر من ذي الحجة كان قد تكلّم الأُمراءُ في إبطال الأَوقاف من أَراضي الديار المصرية بسبب أَن الواقفين يشترون الأَرض بطريق الحيلة ثم يوقفونها، فعُقد لذلك مجلسٌ حضره أَهل العلم والأَعيان فقال برقوق: "ما أَضعفَ عسكرَ المسلمين إلا هذه الأَوقاف، والصواب استرجاعُها"، فأَنكر الشيخ أَكمل الدين ذلك وتكلم معه ومع بركة بالتركي إلى أَن نفر فيه بركة وأَظهر الغضب، فبادر الشيخ سراج الدين البلقيني وقال: "أَمّا أَوقاف الجوامع والمدارس وجميع ما للعلماء والطلبة فلا سبيل إليها، ولا يحل لأَحد نقضُهُ لأَن لهم في الخمس أَكثر من ذلك، وأَما ما وقف على عويشة وفطيمة واشتُرِىَ لأَمثالهم من بيت المال بالحيلة فينبغي أَن يُنْقَض إذا تُحُقِّق أَنه أُخذ بغير حق".

فقال بدر الدين بن أَبي البقاء للقاضي: "الأَرض كلها للسلطان يفعل فيها ما يشاء"، فرد عليه بدر الدين بن الشيخ سراج الدين وقال: "بل السلطان كآحاد الناس لا يملك من الأَرض شَيئًا إلَّا كما يملكه غيره" فكثر اللغط. . وانفصلوا على غير شيء.


(١) "تمر بيه" في ز، وكلا الرسمين جائز.