فسئل ابن العز عما أراد بما كتب؟ فقال: ما أردت إلا تعظيم جناب النبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره أن لا يعطى فوق حقه، فأفتى القاضي شهاب الدين الزهري بأن ذلك كاف في قبول قوله وإن أساء في التعبير، وكتب خطه بذلك، وأفتى ابن الشريشي وغيره بتعزيره، فحكم القاضي الشافعي بحبسه فحبس بالعذراوية، ثم نقل إلى القلعة، ثم حكم برفع ما سوى الحبس من التعزيرات، ونفذه بقية القضاة، ثم كتبت نسخة بصورة ما وقع وأخذ فيها خطوط القضاة والعلماء وأرسلت مع البريد إلى مصر، فجاء المرسوم في ذي الحجة بإخراج وظائف ابن العز، فأخذ تدريس العزية البرانية شرف الدين الهروي، والجوهرية على القليب الأكبر: واستمر ابن العز في الاعتقال إلى شهر ربيع الأول من السنة المقبلة. وأحدث من يومئذ عقب صلاة الصبح التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أمر القاضي الشافعي بذلك المؤذنين ففعلوه.
وفي الرابع من ذي القعدة طلب ابن الزهري شمس الدين محمد بن خليل الحريري المنصفي فعزره بسبب فتواه بمسألة الطلاق على رأي ابن تيمية وبسبب قوله: الله في السماء، وكان الذي شكاه القرشي فضربه بالدرة وأمر بتطويفه على أبواب دور القضاة، ثم اعتذر ابن الزهري بعد ذلك وقال: ما ظننته إلا من العوام لأنهم أنهوا إلى أن فلاناً الحريري قال كيت وكيت، حكى ذلك ابن حجي، وهذا العذر دال على أنه تهور في أمره ولم يثبت فلله الأمر.
ومن اطرف ما يحكي عن المنصفي أن بعض الناس اغتم له مما جرى فقال: ما أسفي إلا على أخذهم خطي بأني أشعري فيراه عيسى بن مريم إذا نزل.
وفيها كان الحاج بمكة كثيراً بحيث مات من الزحام بباب السلام أربعون نفساً أخبر الشيخ ناصر الدين بن عشائر أنه شاهد منهم سبعة عشر نفساً موتى بعد أن ارتفع الزحام