طلب بنفسه بعد العشرين، وتخرج بالقطب الحلبي وأبي الفتح اليعمري، ورحل سنة ثلاث وعشرين إلى دمشق أيضاً، فسمع من القاسم بن عساكر وأبي نصير بن الشيرازي وابن الشحنة، ولازم المزي والبرزالي والذهبي مدة ثم رجع، ثم عاد صحبة القاضي تقى الدين السبكي سنة تسع وثلاثين، وولي درس الحديث بالنورية بعد الذهبي سنة ثمان وعشرين، وخرج لنفسه معجماً حافلاً في أربع مجلدات، وجمع الوفيات التي ذيل بها على البرزالي، وجمع الذيل على تاريخ ابن النجار لبغداد، وكان ذر صلاح وورع ومعرفة بالفن فائقاً، وكان الشيخ تقي الدين السبكي يرجحه على العماد ابن كثير. قال ابن حبيب: إمام مقدام في علم الحديث ودرايته، ومميز بمعرفة أسماء ذوي إسناده وروايته، ورحل وطلب، وسمع بمصر ودمشق وحلب، وأضرم نار التحصيل واجج، وقرأ وكتب وانتقى وخرج، وعني بما روى عن سيد البشر، وجمع معجمه الذي يزيد على ألفي نفر، وكان لا يعنى بملبس ولا مأكل، ولا يدخل فيما أبهم عليه من أمر الدنيا إذا أشكل، ويختصر في الاجتماع بالناس، وعنده في طهارة ثوبه وبدنه أي وسواس، سكن دمشق وباشر التدريس في الحديث بالنورية وغيرها، ومات بها في شهر جمادى الأولى عن سبعين سنة، وكان أبوه من المحدثين فأحضر ابنة هذا على الشيخ علي بن هارون وابن الصواف وغيرهما وأسمعه من جماعة، ثم حبب إليه الطلب، فرحل به إلى دمشق وحلب، فأسمعه من جماعة، واستجار له أبوه من الدمياطي وغيره، وقرأ أبوه تهذيب الكمال على المزي فسمعه معه، وسمع من التقي سليمان وطبقته ومن بعدهم، ثم رجع إلى القاهرة فتخرج بالقطب والفتح، ثم قدم دمشق صحبة السبكي لما قدم قاضياً، وانتقى له الذهبي جزءاً من عواليه، وحدث قديماً. ذكره الذهبي في المعجم المختص وقال فيه: المتقن الرحال، رحل به أبوه فسمعه تهذيب الكمال على مؤلفه، ثم مات والده فحبب إليه هذا الشأن، ورحل مراراً منها في سنة تسع وعشرين إلى حلب وحماة وسمع بها وبغيرها. وقال أيضاً: قدم دمشق مراراً وآخرها سنة تسع