للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حجى: "قدم من الموصل وهو شاب، فكان يتكسّب من الحياكة (١) ويشتغل في أَثناء ذلك بالعلم ويعاشر الصوفية، ولازم الشيخ قطب الدين مدّةً وأَدمن النظر في الحديث فعلق بذهنه شيءٌ كثير منه، ثم اشتهر أَمره وصار له أَتباع، وعلا ذكره وبَعُد صيته وتردّد إليه الأَكابر وحجَّ مرارًا، ثم اتصل أَمره بالسلطان فبالغ في تعظيمه وزاره في داره بالقدس وصعد إليه إلى العليّة وأَمر له بمالٍ فأَبى أَن يقبله، وكان يكاتب السلطان بالشفاعات الحسنة فلا يردّه، وكان الشهابُ الزهرى ممَّن يلازم حضور مجلسه ويبالغ في تعظيمه وكذلك الشيخ شمس الدين الصرخدى؛ ومن طريقته أَلَّا يعامل أَحدًا من أَصحابه ولا يأْكل بعضهم لبعضٍ شيئا ولا لغيرهم؛ وكان يتكلم على الناس فيبدى الفوائد العجيبة والنكت الغريبة".

وكان يشتغل في "التنبيه" و "منازل السائرين"، وكان (٢) ولده عبد الملك يذكر عنه أنه قال: "كنت في المكتب ابن سبع سنين فربما لقيتٌ فلسًا أَو درهما في الطريق فأَنظر أَقرب دارٍ فأُعطيهم إياه وأَقول: لقيته قرب داركم"؛ وله نظم ونثر.

١٤ - أبو بكر (٣) بن محمد بن عيسى بن أبي المجد البعلى الأَنصاري قاضي بعلبك. مات في المحرّم.

١٥ - بلاط (٤) بن عبد الله المنجكي أَحد الأُمراء بالقاهرة. مات في شوال في هذه السنة.

١٦ - حمزة بن على بن يحيى بن فضل الله العدوى، عز الدين ابن كاتب السر، كان في حياة أبيه يلبس بالجندية ثم ناب عن أبيه في كتابة السر ثم عن أخيه وكان أكبر موقعى الدست ومات بعده بدمشق يوم تاسوعاء.

أَنشدني عيسى بن حجاج لنفسه لما بلغه موت حمزة بعد موت أَخيه بدر الدين:

قضى البدْرُ بنُ فضل الله نحبًا … ومات أَخوه حمزةُ بعد شهرٍ

فلا تعجب لذا الأَجلين يومًا … فحمزةُ كان (٥) حقًّا بعدَ بدْر


(١) في ل "الحبالة" ولم يشر ابن حجر في الدرر الكامنة ١/ ١١٨٦ إلى شيء من هذا.
(٢) عبارة "وكان ولده … ... قرب داركم" غير وارد في ظ.
(٣) في ز "محمد بن محمد".
(٤) راجع ترجمته في تاريخ ابن الفرات، ٩/ ٤١٩.
(٥) في ز، هـ "ـات".