للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقارب التشاحن بينهم إِلى أَن دبّر الأُمراء الجددُ الأَمر، فكادوا أَيتمش ومَن معه بأَن علَّموا أَن السلطان أَن يدّعى أَنه بَلَغَ [الرشد]، فطلب (١) الخليفةَ في هذا اليوم وقال له بحضرة أَيتمش (٢): "إنِّي قد بلغت، وأُريد أَن ترشّدوني"، فأَحضر القضاةَ وأَهلَ الفتوى، وادّعى (٣) ابنُ غراب على أَيْتُمشُ، وشهد جماعة من الأُمراء وأُعْذِر أَيتمش فحكموا برشده (٤)، وخُلع على الجماعة، فتحوّل أَيتمش حينئذ من الإِسطبل الكبير إِلى بيته (٥)، وافترق العسكر، فرقتين: إحداهما جراكسة وهم الأُمراء الجدد ومَن معهم، والأُخرى تُرْك وروم وبعض جراكسة مع الأَتابك، فأَظهر يَشْبَكُ الخزندار - رأسُ الأُمراءِ الجديد - أَنه ضعيف وعَزَم على مسك أَيتمش إذا عاده، فبلغ ذلك أَيْتُمُش فحذر منه وأَلْبَسَ مماليكه ومن أَطاعه، وملَكوا الأَشرفية التى على باب القلعة، ووقف أَيْتُمُش بالقرب من منزله، ووقف تَغْرِى بَرْدِى برأْس الرميلة من جهة الشيخونية، وفارسُ [الحاجب] من جهة مدرسة حسن.

فلما بلغ ذلك يَشْبَك ركب فيمن أَطاعه (٦) ودقَّ الكوسات تحت القلعة، ووقف بيبرس قريب السلطان عند حدرة (٧) البقر، وطلع إِلى القلعة سُودُون طازوسودون الماردانى ويَلْبُغا


(١) أي السلطان.
(٢) نص عبارة السلوك، ١٣ ا "ياعم، أنا قد أدركت وأريد أَن أترشد".
(٣) عبارة المقريزي، شرحه "وادعى ابن غراب على أَيتمش بأَن السلطان قد بلغ رشيدًا".
(٤) ذكر أبو المحاسن: النجوم ١٢/ ١٨٢ أَن أباه تغرى بردى وفارسًا الحاجب كانا الوحيدين اللذين رفضا الموافقة على ترشيده، ثم لم يزل أَيتمش بهما حتى أذعنا، ومن هنا يستدل على أَن أَيتمش لم يقبل الترشيد قبولًا حسنًا، على أَنه يظهر من كلام أبى المحاسن: النجوم، ١٢/ ١٨٣ أَن نزول أَيتمش إِلى داره كان فيه خراب البيوت.
(٥) وكان بيته عند خط باب الوزير، راجع في تحديد موقعه اليوم تعليق المرحوم محمد رمزي في النجوم الزاهرة ١٠/ ١٨٠ حاشية رقم ٢.
(٦) أوضح أبو المحاسن: شرحه ١٢/ ١٨٤ مماليك كل فريق فذكر أَن جميع أكابر الأُمراء المماليك القرانيص كانوا مع أَيتمش البجاسي، أما مماليك يشبك الشعباني الخازندار فهم الأُمراء الخاصكية ومماليك الأطباق؛ أما فيما يتعلق بالقرانيص والأطباق فراجع Ayalon : Structure of the Mamlouk Army، III p. ٧٣ - ٧٧.
(٧) حدرة البقر، وكانت تقع خارج القاهرة، وكانت في الأصل - كما جاء في الخطط ٢/ ٦٨، دارا للبقر المخصصة للسواق السلطانية.