للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان في جمادى الآخرة استقر سعد الدين بن غراب في نظر الخاص فانتزع من الطبلاوي الكلام على الإسكندرية ثم قبض عليه في سادس عشر شعبان منها في بيت ابن غراب، وكان عملَ وليمةَ مولودٍ له، فلما مدّ السماط قَبض عليهما يعقوب شاه الخزندار وعلى ابن عمه ناصر الدين الدويدار، وأَرسل ابن غراب إِلى أَخيه وإلى القاهرة وإلى جميع حواشيه فأحيط بهم، فسُلّم ليلبغا المجنون، فاجتمعت العامة ورفعوا المصاحف والأَعلام واجتمعوا بالرميلة، وسأَلوا إعادة ابن الطبلاوي فأُجيبوا بالضرب والشتم فتفرّقوا، فأَرسله يلبغا راكبًا على فرس وفى عنقه باشة حديد وشق [به] القاهرة ووصل إِلى منزله، فأَخرج منه اثنين وعشرين حملا من القماش والحرير والصوف والفرش وغير ذلك، ومن الذهب مائة وستين أَلف دينار ونحو ستمائة أَلف فلوس.

وفى السادس عشر من شعبان طلب الحضور بين يدى السلطان فأَذن له، فسأَل أَن يُسِرّ إليه كلامًا فامتنع وأُخرج، فرآى خلوة فضرب نفسه بسكين معه فإن جرح في موضعين فنُزِعَت من يده، وتحقق السلطان أَنه كان أَراد أَن يضربه بالسكين إِذا سارّه (١)، فنزل يلبغا وعاقبه فأَظهر مائةً وأربعين أَلف دينار، وبيع عقاره وأَثاثه وأُخذ من حواشيه (٢) نحو خمسمائة أَلف درهم وسُجن بالخزانة، ثم أُفرِج عنه في رمضان وفرح به العامة وزينوا له البلد وأَكثروا من الخلوق بالزعفران، فأَمر السلطان بنفيه إِلى الكرك فأُخرج إليها في شوال، فبلغه موت السلطان وهو بالخليل فأَقام بالقدس وأَرسل يسأَل الأَمير أَيتمش في الإقامة بالقدس فأَذن له، ثم أَمر بإحضاره إِلى مصر فوجدوا الأَمير تنم طلبه إِلى الشام، فوافاه البريد بطلبه إِلى مصر، فاستجار بالجامع وتزيَّا بزيء الفقراء.

فلما خامر تنم عمله أُستادار الشام، فباشر على عادته في التعسّف والظلم، وحَصَّل لتنم أموالًا من التجار وغيرهم، فلما كُسر تنم قُبض عليه وقُيد وأُخِذ جميع ما وُجد له وأهين جدًّا. ثم قُتل في ثاني عشر شهر رمضان بمدينة غزة.


(١) في ظ، ز، هـ "سارره".
(٢) "مواشيه" في الضوء اللامع ٥/ ٨٤٦.