وقد أشار صاحب ماردين على جكم بالتأني وقت القتال، فخالفه حتى تلفت أرواحهم، وبلغني أن التركمان قطعوه أعضاء وأرسلوا كل عضو إلى ناحية افتخاراً بقتله لشدة بأسه وهيبته في قلوب التركمان والعرب، ثم أرسلوا برأسه إلى القاهرة في السنة الآتية، ولما بلغ الناصر ذلك فرح به وأمر بضرب البشائر، ثم أحضرت الرؤس فطيف بها في الأسواق وعلقت على باب زويلة وزينت البلد أياماً، وذلك في الثامن عشر من المحرم في السنة المقبلة وكان جكم من مماليك الظاهر وأول ما أعطي تقدمة بعد هزيمة أيتمش من القاهرة واستقر رأس نوبة كبيراً، ثم استقر دويداراً كبيراً بعد أن بارز يشبك بالعداوة فانتصر عليه وحبس يشبك، ثم في سنة أربع انهزم جكم وسجن بقلعة المرقب وراح جكم كأن لم يكن، فكانت مدة سلطنته بدعواه قدر شهرين، وكان شجاعاً بطلاً يحب العدل والخير إلا أنه كان مقداماً على سفك الدماء فكان يهاب لذلك، وقد كان ابن قرا يلك يظن أنه لا يقف في وجهه ولا يجسر على قتاله.
وفي ذي القعدة بعث شيخ إلى نابلس جيشاً فقبضوا على عبد الرحمن ابن المهتار وأحضروه إلى صفد فقتل بحضرته، وكان المذكور قد عصى بأخرة على الناصر واتفق مع نوروز، فأرسله إلى نابلس فصادر أهلها وبالغ في ظلمهم فكانت تلك عاقبته.
وفي أوائل ذي القعدة خرج شيخ من صفد ومن معه فوصل إلى قابون، فهرب منه الحمزاوي إلى غزة فاجتمع هو ومن بها من الأمراء ووقعت الوقعة عند حلبين، فقتل في المعركة إينال باي بن قجماس، ويقال بل قتل بين يدي شيخ صبراً، وقتل في المعركة