وغنم الشيخية منهم نحو ألف فرس، وتفرق أكثر العساكر عن نوروز، ولحق كثير منهم بشيخ فتحول إلى الميدان بحماة، ونزل هو والعجل به، وكتب إلى دمشق بالنصر، فدقت بشائره وزينوا البلد.
فلما كان ليلة الاثنين سادس عشر ذي الحجة، ركب تمربغا المشطوب وسودون المحمدي وتمراز نائب حماة في عسكر ضخم فكبسوا العجل بن نعير ليلاً، فاقتتلوا إلى قريب الفجر فركب شيخ نجدة للعجل واشتد القتال، فخالفهم نوروز إلى وطاق شيخ فنهبه ورجع إلى حماة، وكتب دمرداش إلى الناصر يستنجده ويحثه على المجيء إلى الشام وإلا خرجت عنه كلها، فإنه لم يبق منها إلا غزة وصفد وحماة وكل من بها من جهته في أسوء حال.
وفي ذي الحجة مال أكثر التركمان إلى شيخ وأطاعوه، وجاءه الخبر بأن أنطاكية صارت في حكمه وجهز شاهين داوداره وإيدغمش وملكوا حلب فصارت بأيديهم، واشتد الأمر على دمرداش ونوروز فاستدعيا أعيان أهل حماة فألزماهم بأن كتبوا إلى العجل كتاباً يتضمن أن نوروز هرب من حماة، ولم يتأخر بها غير دمرداش، وسألوه أن يأخذ له الأمان من شيخ، فظن العجل أن ذلك حق فركب إلى شيخ وأعلمه بذلك فظنه حقاً، وبعث فرقة من مماليكه ومن عرب العجل، فتسوروا على سلالم ونزلوا المدينة من السور ظانين قلة بالبلد من النوروزية، فوثبوا عليهم وقتلوهم جميعاً وعلقوا رؤوسهم على السور، وأتوا رجلين من جهة العجل فألزموهما أن كتبا إلى العجل بأن نوروز قد أسرنا وقد أطلعنا على أنه تصالح مع شيخ على أن شيخ يسلك إليه ويصطلحا على البلاد، فظن العجل ذلك صحيحاً فركب لوقته متوجهاً إلى بلاده، فبلغ ذلك الشيخية، فركب شيخ في طائفة ليسترضيه ويرده، فأعقبه نوروز ودمرداش في أثره فنهبوا وطاقه وخيله واستمر العجل ذاهباً، فرجع شيخ فوجد أثقاله قد نهبت فرجع من حمص إلى العريسين، فكاتب نوروز في طلب الصلح فلم يتم ذلك وانسلخت السنة وهم على ذلك.