وفي جمادى الأولى قدم من حلب جمال الدين الحسفاوي قاضي الشافعية بها، ومحب الدين ابن الشحنة قاضي الحنفية بها، وأخوه قاضي المالكية بها، وكانوا طلبوا من جهة السلطان لكونهم بايعوا جكم بالسلطنة وأفتوه بقتال السلطان، ثم هرب ابن الشحنة وأدخل الآخران القاهرة.
وفي التاسع من جمادى الأولى نزل السلطان بلبيس فقبض على جمال الدين الأستادار وعلى ابنه وابن أخته وعامة من يلوذ بهم، وهرب أخوه شمس الدين البيري وطائفة، وكان الناصر قد تخيل منه في هذه السفرة أنه تمالأ عليه، وأنه يريد أن يمسكه، ووجد أعداؤه سبيلاً إلى الحط عليه عنده إلى أن تغير عليه وأمسكه، ودخل الناصر القلعة في حادي عشره وتقدم إلى كاتب السر فتح الله بحفظ موجود جمال الدين فاستعان فتح الله على ذلك بالقضاة فلم يزل جمال الدين وولده يخرجان ذخيرة بعد ذخيرة إلى أن قارب جملة ما تحصل من موجودهما ألف ألف دينار، وأحضره الناصر مرة وتلطف به ليخرج بقية ما عنده وجد وأكد اليمين واعترف بخطائه واستغفر فرق له وأمر بمداواته، فقامت قيامة أعدائه وألّبوا عليه إلى أن أذن لهم في عقوبته وسلمه لهم، فلم يزالوا به حتى مات خنقاً بيد حسام الدين الوالي، وقطعت رأسه فأحضرت بين يدي الناصر، فردها وأمر بدفنه، وذلك في حادي عشر جمادى الآخرة، واستقر تاج الدين عبد الرزاق ابن الهيصم في الأستادارية موضع جمال الدين، فلبس زي الأمراء وترك زي الكتاب، واستقر أخوه مجد الدين عبد الغني في نظر الخاص، وسعد