للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبتنا جميعا لو تراق زجاجة ... من الخمر فيما بيننا لم تسرب

وهذا معنى بليغ في العناق، أخذه من قول بشار:

فبتنا معا لا يخلص الماء بيننا ... إلى الصبح دوني حاجب وستور

وأبلغ منه في هذا المعنى قول عبد الله من المعتز:

ما اقصر الليل على الراقد ... وأهون السقم على العائد

ويفديك ما أبقيت من مهجتي ... لست لمّا أوليت بالحاجد

كأني عانقت ريحانة ... تنفست في ليلها البارد

فلو ترانا في قميص الدجى ... حسبنا من جسد واحد

وهو مأخوذ من قول الآخر:

خلوت فناداها ساعة ... على مثلها يحسد الحاسد

كإنا وثوب الدجى مسبل ... علينا لمبصرنا واحد

وابلغ من هذا عندي قول أبن الرومي:

أعانقها والنفس بعد مشوقة ... إليها وهل بعد العناق تدان؟

وألثم فاها كي تموت حرارتي ... فيشد ما ألقى من الهيمان

ولم يك مقدار الذي بي من الهوى ... ليشفيه ما ترشف الشفتان

كأن فؤادي ليس يشفي غليله ... سوى أن يرى الروحان يمتزجان

فإن الامتزاج أخص مطلق الوحدة وأصرح في قطع العدة، وذلك في الأرواح أبلغ وأبدع منه في الأجسام، غير إنّه في الشعرين السابقين إخبار عن أمر هو واقع أو كالواقع، بخلاف هذا.

ولابن عبدوس الفارسي في العناق أيضاً:

لا والمنازل من نجد وليلتنا ... يفيد إذ جسدانا بيننا جسد

كم رام فينا الكرى من لطف مسلكه ... نوما فما أنفك لا خد ولا عضد!

وهو نحو ما للأولين وابلغ من حيث الجزم

<<  <  ج: ص:  >  >>