ثم جذبت بيدها من يد الغلام، وألقت بنفسها في الحفرة على دماغها فماتت. قال: فسيري عن محمّد ووصلني وكساني. قال ثم حدثت بهذا الحديث محمّد بن جعفر الأخباري فقال: كان محمّد بن حميد الطوسي يوما مع ندمائه، فغنت جارية له:
يا قمر القصر متى تطلع؟ ... أشقى وغيري بك يستمتع
إنَّ كان ربي قد قضى ما أرى ... منك على رأسي فما أصنع؟
وكان على رأس محمّد بن حميد غلام بيده قدح يسقيه به. فرما بالقدح من يده وقال: تصنعين هكذا! ورمى بنفسه من الدار إلى دجلة. فلما رأت ذلك الجارية قامت ورمت بنفسها على أثره، فكان آخر العهد بهما. وقال آخر من الطفيليين:
كل يوم أدور في عرصة الدار ... أشم القتار شم الذباب
فإذا ما رأيت آثار عرس ... أو دخانا أو دعوة الأصحاب
لم أعرج دون التقحم لا أرهب ... شتما ولكزة البواب
مستهينا بمن دخلت عليه ... غير مستأذن ولا هياب
ذاك أهنا من التكلف والعز ... م وشتم البقال والقصاب
وكان هذا الطفيلي أتى وليمة فأقتحم الدار وأخذ مجلسه من الناس فأنكره صاحب المنزل وقال له: لو صبرت حتى يؤذن لك لكان أحسن لأدبك فقال: إنّما واطراحها صلة. وجاء في الأثر: صل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك! ثم إني أجمع فيها خلالا: أدخل مجالسا، وآكل موانسا، وأبسط رب دار وإنَّ كان عابسا وانشد ما تقدم.